94

Tabaqat al-safiʿiyyat al-kubra

طبقات الشافعية الكبرى

Investigator

محمود محمد الطناحي وعبد الفتاح محمد الحلو

Publisher

هجر للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

1413 AH

Publisher Location

القاهرة

فَإِن قلت فَمَا تَقولُونَ فِيمَا ينْقل عَن السّلف من أَنه إِقْرَار بِاللِّسَانِ واعتقاد بالجنان وَعمل بالأركان وَهَذَا مستفيض فِيمَا بَينهم لَا يجحده إِلَّا المكابرون قلت تمهل قَلِيلا واسمع مَا نلقيه عَلَيْك وَإِن كَانَ ثقيلا وَاعْلَم أَن قَوْلهم اعْتِقَاد بالجنان لَا إِشْكَال فِيهِ وَقَوْلهمْ إِقْرَار بِاللِّسَانِ هُوَ النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ ولعلهم جعلُوا ذَلِك ركنا فِي الْإِيمَان فَيكون الْإِيمَان مركبا من الِاعْتِقَاد وَالْإِقْرَار وَهُوَ أحد الرِّوَايَتَيْنِ فِي تفاريع الْمَذْهَب الأول وَلَيْسَ بالبعيد وَإِن كَانَ الْأَظْهر جدلا خِلَافه وَقَوْلهمْ وَعمل بالأركان يُمكن أَن يُرَاد بِهِ الْكَفّ عَن مَا يصدر بالجوارح فيوقع فِي الْكفْر من السُّجُود للأصنام وإلقاء الْمُصحف فِي القاذورات فاضبط هَذَا فبه يجْتَمع لَك كَلَام السّلف وَالْخلف وَلَا أَدعِي أَنه حَقِيقَة مُرَاد الْقَوْم غير أَنِّي أجوز ذَلِك وَأسْندَ إِلَى لَفْظَة الْأَركان وَأَنا وَإِن لم أقطع بِأَنَّهُ المُرَاد فأقطع بِأَنَّهُ لَا دلَالَة فِي الْعبارَة عَلَى رد مَذْهَب الْقَائِلين بِأَنَّهُ التَّصْدِيق لما ذكرت من أَن الْأَركان جَائِز أَن يُعْنَى بهَا الْكَفّ عَن المكفرات ودائما أَقُول عبارتان للقدماء مستفيضتان يتناقلهما الْمُتَأَخّرُونَ معتقدين أَن المُرَاد بهما شَيْء وَاحِد وَعِنْدِي أَن اللَّفْظ لَا يساعد عَلَى ذَلِك إِحْدَاهمَا هَذِهِ الْعبارَة فَإِن الْأَركان أَجزَاء الْمَاهِيّة فَلَا يثبت عَلَى السّلف أَنهم يَقُولُونَ بِأَن الطَّاعَات الْمَفْرُوضَة أَو مُطلق الطَّاعَات إِيمَان كلهَا إِلَّا أَن يثبت عَلَيْهِم أَن كلهَا أَرْكَان وَلم يثبت ذَلِك بعد بل لفظ الْأَركان صَرِيح أَو كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافه إِذْ لَيْسَ كل طَاعَة يَنْتَفِي الْإِيمَان بانتفائها بل لم يقل ذَلِك فِي شَيْء من مباني الْإِسْلَام غير كلمتي الشَّهَادَتَيْنِ إِلَّا فِي الصَّلَاة عِنْد من يكفر بِتَرْكِهَا ثمَّ لم يقل بذلك عَلَى إِطْلَاقه بل قَالَ بِكفْر دون كفر وليستا الْآن كَذَلِك

1 / 98