Ṭabaqāt al-Muʿtazila
طبقات المعتزلة
Genres
ومنهم الشيخ المرشد ابو عبد الله الحسين بن علي البصري، اخذ عن ابي علي بن خلاد «8» أولا ثم اخذ عن ابي هاشم لكنه بلغ بجده واجتهاده ما لم يبلغه غيره من اصحاب ابي هاشم، وكما صبر على ذلك في علم الكلام صبر على مثله «9» في الفقه، فانه لازم مجلس ابي الحسن الكرخي الزمان الطويل حالا بعد حال، ولم يحظ في «10» الدنيا بما جرت به العادة للعلماء بل كان في بغداذ يصبر على الشدائد وهو مكب على طلب العلم ولقد دخل عليه ابو الحسن الازرق يوما وهو يصنف كتابا فطلب في حجرته ماء فلم يجده ونظر هل عنده طعام فلم يجده فقال: أتصنف ولا طعام ولا شراب عندك وانت جائع؟ فوضع قلمه والجزء وقال: اذا تركت التعليق هل يحصل الطعام والشراب؟ قال: لا، فقال: فلأن أعلق ولا اضيع وقتي أولى، وكان هذا ابو الحسن الازرق يمده بالنفقة كثيرا وكان يحب الاكل معه فاذا دخل عليه اشترى طعاما ليأكلا جميعا ولو كان عنده شي ء موجود، وبلغ من امره في علم الكلام ان أبا الحسن كان يرجع إليه وربما حضر عنده «1» يسمع «2» ما يجري
وورد عليه مسئلة في الاجتهاد من ناحية عضد «3» الدولة، فرأى الصواب ان يجيبها الشيخ ابو عبد الله وهو الكلام في ان كل مجتهد مصيب وفي الاشبه، وكان يغلو في تعظيم ابي الحسن حتى قال: ما رأيت أبا الحسن منقطعا قط ان كان الكلام له فانه «4» يتجلى وان كان عليه يورد ما لا يعرف معه ذلك، قال:
ومن ظريف امره انه يطول «5» في أماليه «6» ويختصر في تدريسه والغالب من حال العلماء خلاف ذلك، وكان في بعض الاوقات ربما يظهر الندم على تطويل أماليه ويقول: ان الاختصار اقرب الى ان ينتفع به لكني اذا وجدت لنفسي خاطرا أؤمل «7» ان ينتفع به احببت ان امليه، فكان «8» يطول المسألة بالأسئلة لزيادة الايضاح
Page 106