69

Tabaqat Mashayikh Bi Maghrib

طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني

Genres

نزول الامام عبد الوهاب رحمة الله على مدينة طرابلس حدث غير واحد من اصحابنا ان الامام رحمه الله أراد المسير الى الحج فاخذ في اهبة السفر ، ثم سار متوجها ، فلما وصل الى جبال دمرا استعمل عليها رجلا من أهلها يقال له فزار ، ثم توجه إلى جبل نفوسه ، فاجتمعت عليه جموع نفوسه فاخبرهم بما عزم عليه من تيممه الحج .فقالوا يا امير المؤمنين ان رايت المقا م فعلت ، فانا نخشى عليك من المسودة(1 ) ، فانهم ان علموا بمسيرك عن بلادك وتوجهك الى بلادهم لم تسلم من افة تصيبك منهم ، من قتل ، او سجن ، او نكال . وقد تعين عليك القيام بأمور المسلمين ، والنظر فيما يجمع كلمتهم ، ويصلح شأنهم فاقامتك فيهم آكد وواجب . فقد علمت انك لو غبت عنهم لضاعت الحقوق وتفرقت الكلمة ، قال فأرسل الامام رحمه الله إلى اخوانه بالمشرق وكان المقدم في ذلك العصر في العلم والورع والفضل أبا الربيع بن حبيب ، رحمه الله وابن عباد المصري ، فلما وصلهم الرسل والقوا اليهما من القول ما دار بين الامام وبين جماعة نفوسة ، واخبروهما ان الامام يستفتيهما مستضيئا علما من نورهما ، مع ما وهب الله له من العلم ، معتمدا ان فتيا غيره في نازلة مختصة به أولى ، وانهى للنفس عنالهوى . فاجابه الربيع بان من كان مثلك في العناية بأمور المسلمين ومحل امانتهم وخاف على نفسه من أهل الجور والبغي ، فينبغي له ان يستأجر من يحج عنه وهو حي . واجاب ابن عباد بان من كان على هذه الصفة فليس عليه حج ، لان امان الطريق من الشروط التي هي مشترطة في وجوب الحج . فمكث الامام رحمه الله ينتظر رسله ، فلما قدمت الرسل بالجوابين أخذ بجواب الربيع وارسل من يحج عنه .

Page 70