Ṭabaqāt al-mashāyikh biʾl-Maghrib li-Abī al-ʿAbbās al-Darjīnī
طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني
Genres
اجتماع أبي حمزة بوفود الحجيج ففي الموسم
قال: فأتونا في جماعة قال: فخرج إليهم أبو حمزة وعمامته خضراء وازار متأزر به منتكب قوسه ومتقلد سيفه، قال: فتكلم أولئك الخطباء فعظموا من أبي حمزة الحج ويوم عرفة ما قدروا عليه وأطنبوا في الكلام، قال: فلما فرغوا من كلامهم، تكلم أبو حمزة، فحمد الله و أثنى عليه وصلى على نبينا محمد صلى الله علية وسلم، ثم قال: أما ما ذكرتم من تعظيم هذا اليوم فإنكم لم تبلغوا كنه ذلك ثم ذكر جور بني مروان وما هم عليه من الظلم والفسق والاعتداء، قال فأفحم القوم، وسمعوا كلاما لا يعرفونه، قال: فرجعوا إلى عبد الواحد فأعلموه بقوله، وقالوا: خصمنا الرجل، وما قدرنا على إجابته وليس عندنا ما نجيبه به، قال: فارجعوا إليه واسألوا الموادعة في هذه الأيام على أن لا نعرض له ولا يعرض لنا، قال: فرجعوا إلينا فأعطيناهم ذلك، قال: ووقفنا مع الناس حتى أمضينا إلى جمع ثم إلى منى فنزلنا مؤخر منى في عسكرنا، قال: وكانت حليمة المهلبية إذ ذاك قد حضرت الموسم، وكانت من خيار المسلمات وفضلاهن وهي أم سعيدة، فعالجت لهم طعاما فبعثت به مع أبي وافد وابنه وكانا فاضلين، قال: وأخذهم الحرس، فقالوا: معكم السلاح؟ ففتشوهما فلم يجدوا معهما سلاحا، قال أبو حمزة أرسل إلى الوالي فقل له قد كان نقض من قبلك فان شيءت ناقضناك وإن شيءت نوف بعهدك، قال: فأرسلهما وتم العهد حتى فرغ الناس من مناسكهم، وساروا إلى مكة قال: فخرج عبد الواحد ودخل مكة، قال أبو سفيان: وكان بلج بن عقبة يأتي لرمي الجمار في الخيل والسلاح، قال: وكان أبو حمزة يقول رحمك الله وما يدعوك إلى هذا لو جئت متنكرا حتى ترمي، قال: فكان يقول لا، لا أفعل ولا آمن غدرهم بنا ونقضهم علينا، فإن فعلوا كنا قد استعددنا لهم.
Page 57