188

Tabaqat al-fuqahaʾ al-safiʿiyyat

طبقات الفقهاء الشافعية

Investigator

محيي الدين علي نجيب

Publisher

دار البشائر الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٩٩٢م

Publisher Location

بيروت

وَذكر أَبُو الْحسن عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي - وَكَانَ شَرِيكا لَهُ فِي تلمذة إِمَام الْحَرَمَيْنِ - أَنه شدا بطوس فِي صباه طرفا من الْفِقْه على الإِمَام أَحْمد الراذكاني الطوسي، ثمَّ قدم نيسابور، وأختلف إِلَى درس إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي طَائِفَة من شُبَّان طوس، واجتهد فِي التَّحْصِيل، وجد، حَتَّى تخرج فِي مُدَّة قريبَة، وبذ الأقران، وَصَارَ أنظر أهل زَمَانه، وَوَاحِد أقرانه، وأستاذه إِمَام الْحَرَمَيْنِ بعد فِي الْأَحْيَاء، وَكَانَت الطّلبَة تستفيد مِنْهُ، وتدرس عَلَيْهِ، ويرشدهم، وَهُوَ على اجْتِهَاده، وترقى إِلَى أَن أَخذ فِي التصنيف، فَكَانَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ مَعَ علو دَرَجَته، وسمو عِبَارَته، وحدة جَرَيَانه فِي نطقه وَكَلَامه؛ لَا يصفو نظره إِلَى الْغَزالِيّ ﵀ فِي الْبَاطِن، وَإِن كَانَ فِي الظَّاهِر يظْهر التبجح بِهِ، والاعتداد بمكانه، وَذَلِكَ لإنافته عَلَيْهِ فِي سرعَة الْعبارَة، وَقُوَّة الطَّبْع، وَكَانَ لَا يطيب لَهُ أَيْضا تصديه للتصنيف، وَإِن كَانَ متخرجا بِهِ، مَنْسُوبا إِلَيْهِ، ثمَّ إِنَّه لم يزل كَذَلِك حَتَّى انْقَضتْ أَيَّام الإِمَام أبي الْمَعَالِي، فَخرج من نيسابور، وَصَارَ إِلَى المعسكر فاحتل من مجْلِس نظام الْملك مَحل الْقبُول، وَأَقْبل عَلَيْهِ لظُهُور اسْمه، وعلو دَرَجَته، وَحسن مناظرته، وَكَانَت حَضْرَة نظام الْملك محط رحال الْعلمَاء، ومقصد الْأَئِمَّة والنصحاء، فاتفقت للغزالي فِيهَا اتفاقات حَسَنَة من ملاقاة الْأَئِمَّة، ومجاراة الْخُصُوم اللد، ومناظرة الفحول، ومنافرة الْكِبَار، فطار

1 / 260