102

Tabaic Istibdad

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

Publisher

المطبعة العصرية

Edition Number

طبعة جديدة منقحة ومضافة بقلم المؤلف

Publisher Location

حلب

جدَّدوه، وجعلوه صالحًا لتجديد خليق أخلاق الأمة. وما أحوج الشرقيين أجمعين من بوذيين ومسلمين ومسيحيين وإسرائيليين وغيرهم، إلى حكماء لا يبالون بغوغاء العلماء المرائين الأغبياء، والرؤساء القساة الجهلاء. فيجددون النّظر في الدّين، نظر من لا يحفل بغير الحقِّ الصريح، نظر من لا يضيع النتائج بتشويش المقدمات، نظر من يقصد إظهار الحقيقة لا إظهار الفصاحة، نظر من يريد وجه ربِّه لا استمالة الناس إليه، وبذلك يعيدون النواقص المعطَّلة في الدين، ويهذِّبونه من الزوائد الباطلة مما يطرأ عادةً على كلِّ دينٍ يتقادم عهده، فيحتاج إلى مجددين يرجعون به إلى أصله المبين البريء من حيث تمليك الإرادة ورفع البلادة من كل ما يشين، المخفِّف شقاء الاستبداد والاستعباد، المبصِّر بطرائق التعليم والتعلّم الصحيحين، المهيّئ قيام التربية الحسنة واستقرار الأخلاق المنتظمة مما به يصير الإنسان إنسانًا، وبه لا بالكفر يعيش الناس إخوانًا. والشرقيون ما داموا على حاضر حالهم بعيدين عن المجد والعزم، مرتاحين للهو والهزل تسكينًا لآلام إسارة النفس، وإخلادًا إلى الخمول والتسفُّل، طلبًا لراحة الفكر المضغوط عليه من كلِّ جانب، يتألمون من تذكيرهم بالحقائق، ومطالبتهم بالوظائف، ينتظرون زوال العناد بالتواكل، أو مجرد التمنّي والدعاء. أو يتربصون صدفة مثل التي نالتها بعض الأمم، فليتوقّعوا إذن أن يفقدوا الدين كليًا، فيمسوا -وما مساؤهم ببعيد- دهريين، لا يدرون أي الحياتين أشقى، فلينظروا ما حاق بالآشوريين والفينيقيين وغيرهم من الأمم المنقرضة المندمجة

1 / 112