189

Taʾwīl mukhtalif al-ḥadīth

تأويل مختلف الحديث

Publisher

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Edition Number

الطبعة الثانية

Publication Year

1419 AH

من مَسَّ الْفَرْجَ فِي الْمَنَامِ وَالْيَقَظَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَبِالْحَدِيثِ الْآخَرِ: "مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" ١.
وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ لَا نَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ، وَنَرَى أَنَّ الْوُضُوءَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ غَسْلُ الْيَد، لِأَن الْفروج مخارج الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَاتِ.
وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ عِنْدَنَا، مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ إِنَّمَا هُوَ غَسْلُ الْيَدِ مِنَ الزَّهَمِ٢ وَالْأَطْبِخَةِ وَالشِّوَاءِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَأَتَيْنَا بِالدَّلَائِلِ عَلَيْهِ.
فَإِذَا كَانَ الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ هُوَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ، تَبَيَّنَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ الْمُسْتَيْقِظَ مِنْ مَنَامِهِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ، قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْإِنَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.
يَقُولُ: لَعَلَّهُ فِي مَنَامِهِ مَسَّ بِهَا فَرْجَهُ، أَوْ دُبُرَهُ، وَلَيْسَ يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَ يَدَهُ قَاطِرُ بَوْلٍ، أَوْ بَقِيَّةُ مَنِيٍّ، إِنْ كَانَ جَامَعَ قَبْلَ الْمَنَامِ.
فَإِذَا أَدْخَلَهَا فِي الْإِنَاءِ -قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا- أَنْجَسَ الْمَاءَ٣ وَأَفْسَدَهُ.
وَخُصَّ النَّائِمُ بِهَذَا، لِأَنَّ النَّائِمَ قَدْ تَقَعُ يَدُهُ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَعَلَى دُبُرِهِ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ.
فَأَمَّا الْيَقْظَانُ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمَسَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، فَأَصَابَ يَدَهُ مِنْهُ أَذًى، عَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يذهب عَلَيْهِ غسلهَا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي الْإِنَاءِ، أَو يَأْكُل أَو يُصَافح.

١ صَحِيح البُخَارِيّ: علم٥٣، صَلَاة٩، حج٢١، وَسنَن أبي دَاوُد: طَهَارَة ٦٩، وَسنَن التِّرْمِذِيّ: طَهَارَة ٦١، وَالنَّسَائِيّ: طَهَارَة ١١٧، غسل ٧٠، وَابْن ماجة: طَهَارَة ٦٣، والدارمي: وضوء ٥٠، والموطأ: طَهَارَة ٦٠، ٦١.
٢ أَي من الدسومة.
٣ ونجاسة الْمَنِيّ مَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة، وَمذهب الشَّافِعِي وَأحمد على القَوْل بِطَهَارَتِهِ.

1 / 203