11

The Interpretation of Hadith

تأويل مختلف الحديث

Publisher

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Edition Number

الطبعة الثانية

Publication Year

1419 AH

الْمُجْتَهدين وَلَا يحْتَج بهَا بَعضهم الآخر، وَهَذَا الِاخْتِلَاف فِي طَرِيق قبُول بعض الْأَحَادِيث أدّى إِلَى قبُول بعض الْأَحَادِيث من قبل جمَاعَة من الْفُقَهَاء وردهَا من قبل آخَرين، وَرُبمَا رجح بَعضهم حكما بِحَدِيث هُوَ مَرْجُوح عِنْد الآخر، وَنَشَأ عَن هَذَا اخْتِلَاف الْأَحْكَام١. ٢- وَثَانِيا: اخْتلَافهمْ فِي فَتَاوَى الصَّحَابَة وتقديرها، فَإِن الْأَئِمَّة اخْتلفُوا فِي الْفَتَاوَى الاجتهادية الَّتِي صدرت عَن أَفْرَاد الصَّحَابَة، فَأَبُو حنيفَة وَمن تَابعه لم يتقيدوا بفتوى مُعينَة لصحابي شريطة أَن لَا يخرجُوا عَن فتاويهم جَمِيعًا. بَيْنَمَا كَانَ يرى الشَّافِعِي وَمن تَابعه أَن فَتَاوَى الصَّحَابَة ﵃ فَتَاوَى اجتهادية من أَفْرَاد غير معصومين، فَلهم إِذن أَن يَأْخُذُوا بأية فَتْوَى مِنْهَا، كَمَا أَن لَهُم أَن يفتوا بِخِلَافِهَا كلهَا. وَعَن هَذَا نَشأ اخْتِلَاف فِي الْأَحْكَام. ٣- ثَالِثا: فِي الْقيَاس؛ فَإِن بعض الْمُجْتَهدين من الشِّيعَة والظاهرية أَنْكَرُوا الِاحْتِجَاج بِالْقِيَاسِ وَنَفَوْا أَن يكون مصدرا للتشريع وَلِهَذَا سموا: نفاة الْقيَاس، وَجُمْهُور الْأَئِمَّة احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ وعدوه الْمصدر التشريعي الرَّابِع بعد الْقُرْآن الْكَرِيم وَالسّنة الشَّرِيفَة وَالْإِجْمَاع، وَلَكنهُمْ مَعَ اتِّفَاقهم على أَنه حجَّة اخْتلفُوا فِيمَا يصلح أَن يكون عِلّة للْحكم ويبنى عَلَيْهِ الْقيَاس، حَيْثُ يشْتَرط بَعضهم أَن يكون مَنْصُوصا على عِلّة الحكم، وَنَشَأ عَن هَذَا أَيْضا اخْتِلَاف فِي الْأَحْكَام. ٤- رَابِعا: وَأما اخْتلَافهمْ فِي النزعة التشريعية، فقد ظهر فِي انقسامهم إِلَى فريق أهل الحَدِيث وَمِنْهُم أَكثر مجتهدي أهل الْحجاز، وفريق أهل الرَّأْي وَمِنْهُم أَكثر مجتهدي أهل الْعرَاق. وَلَيْسَ معنى هَذَا الانقسام أَن فُقَهَاء الْعرَاق يصدرون فِي تشريعهم عَن

١ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: "يجوز تَخْصِيص عُمُوم الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد عِنْد الْجُمْهُور، وَهُوَ الْمَنْقُول عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة "الْبَحْر الْمُحِيط فِي أصُول الْفِقْه ٣/ ٣٦٤" -مُحَمَّد بدير-.

1 / 15