108

Taʾwīl mukhtalif al-ḥadīth

تأويل مختلف الحديث

Publisher

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

Edition Number

الطبعة الثانية

Publication Year

1419 AH

يَقُول: ﴿لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ ١ أَفَتُرَاهُ أَرَادَ الْفِرَارَ مِنْهَا أَوِ الضَّرْبَ لَهَا، فَلَمَّا رَأَى الْبُرْهَانَ أَقَامَ عِنْدَهَا!.
وَلَيْسَ يَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَنْ تَقُولَ: "هَمَمْتُ بِفُلَانٍ، وَهَمَّ بِي" وَأَنْتَ تُرِيدُ اخْتِلَافَ الْهَمَّيْنِ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ تَهُمُّ بِإِهَانَتِهِ، وَيَهُمُّ هُوَ بِإِكْرَامِكَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ هَذَا الْكَلَامُ إِذَا اتَّفَقَ الْهَمَّانِ.
وَقَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ؛ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ ٢ إِنَّهُ أُتْخِمَ مِنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ.
فَذَهَبُوا إِلَى قَوْلِ الْعَرَبِ: "غَوَى الْفَصِيلُ يغوَى غَوًى" إِذَا أَكْثَرَ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ، حَتَّى يَبْشَمَ، وَذَلِكَ "غَوَى يَغْوِي غَيًّا".
وَهُوَ مِنَ الْبَشَمِ "غَوِيَ يغوَى غَوًى".
وَقَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ؛ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ﴾ ٣ أَيْ أَلْقَيْنَا فِيهَا. يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ النَّاسِ "ذَرَتْهُ الرِّيحُ".
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَرَأْنَا مِنْ "ذَرَتْهُ الرِّيحُ" لِأَنَّ "ذَرَأْنَا" مَهْمُوز، و"ذرته الرِّيحُ تَذْرُوهُ" غَيْرُ مَهْمُوزٍ.
وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ نَجْعَلَهُ مِنْ "أَذْرَتْهُ الدَّابَّةُ عَنْ ظَهْرِهَا" أَيْ "أَلْقَتْهُ" لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ "ذَرَأَتْ" تَقْدِيرُ "فَعَلَتْ" بِالْهَمْزِ، وَهَذَا مِنْ "أَذْرَيْتُ" تَقْدِيرُ "أَفْعَلْتُ" بِلَا هَمْزٍ.
وَاحْتج بقول المثقب٤ الْعَبْدي:

١ الْآيَة ٢٤ من سُورَة يُوسُف.
٢ الْآيَة ١٢١ من سُورَة طه.
٣ الْآيَة ١٧٩ من سُورَة الْأَعْرَاف.
٤ المثقب الْعَبْدي "شَاعِر" هُوَ العائذ بن مُحصن بن ثَعْلَبَة شَاعِر جاهلي من أهل الْبَحْرين اتَّصل بِالْملكِ عَمْرو بن هِنْد وَله فِيهِ مدائح، ومدح النُّعْمَان بن الْمُنْذر، وشعره جيد فِيهِ حِكْمَة ورقة توفّي ٣٥ق. هـ.

1 / 120