Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition Number
الأولى
Genres
(أَلَا تَرْضَى يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ بِهَا دَاراً فِي الجَنَّةِ؟).
قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: (فَذَلِكَ لَكَ).
فَطَابَتْ نَفْسُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَرَّتْ عَيْنُهُ.
***
مَا كَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ يَسْتَقِرُ فِي المَدِينَةِ بَعْدَ مَا تَكَبَّدَهُ مِنْ نَصَبٍ(١) فِي هِجْرَتَيْهِ الأُولَى وَالثَّانِيَّةِ ...
وَمَا كَادَ يَذُوقُ شَيْئًا مِنْ طَعْمِ الوَاحَةِ فِي كَتَفِ الأَنْصَارِ؛ بَعْدَ مَا نَالَهُ مِنْ أَذًى عَلَى يَدِ قُرَيْشٍ، حَتَّى شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِأَفْسَى امْتِحَانٍ عَرَفَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَأَنْ يُعَانِيَ أَعْتَى تَجْرِبَةٍ لَقِيَهَا مُنْذُ أَسْلَمَ.
فَلْتُرْهِفِ السَّمْعَ لِقِصَّةِ تِلْكَ التَّجْرِبَةِ القَاسِيَّةِ المُرَّةِ ...
***
انْتَدَبَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةً مِنْ أَصْحَابِهِ لِلْقِيَامِ بِأَوَّلِ عَمَلٍ عَسْكَرِيٍّ فِي الإِسْلَامِ، فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ(٢) وَقَالَ: (لَأُؤَمِّرَنَّ عَلَيْكُمْ أَصْبَرَكُمْ عَلَى الجُوعِ وَالعَطَشِ)، ثُمَّ عَقَدَ لِوَاءَهُمْ(٣) لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ؛ فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ أُمِّرَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(٤).
***
حَدَّدَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وِجْهَتَهُ، وَأَعْطَاهُ كِتَاباً، وَأَمَرَهُ أَلَّا يَنْظُرَ فِيهِ إِلَّا بَعْدَ مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ.
(١) تكبده من نصب: قدمه من تعب وجهد.
(٢) سعد بن أبي وقاص: انظره ص ٢٩٠. (٤) وروي أن أول لواء عقد في الإسلام كان لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وقيل غير ذلك.
(٣) عقد لواءهم: أَمَّرَ عَلَيْهِم.
85