57

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ ... إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ... وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ ... وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ أَعْطَيْتُكَ مِنْهُ مَا تَشَاءُ.

فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ:

(أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ) ...

فَفَكُّوا وِثَاقَهُ وَأَطْلَقُوهُ.

***

غَادَرَ ثُمَامَةُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمَضَى حَتَّى إِذَا بَلَغَ نَخْلًا فِي حَوَاشِي(١) الْمَدِينَةِ - قَرِيبًا مِنَ ((الْبَقِيعِ))(٢) - فِيهِ مَاءٌ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ عِنْدَهُ، وَتَطَهَّرَ مِنْ مَائِهِ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ، ثُمَّ عَادَ أَدْرَاجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ.

فَمَا إِنْ بَلَغَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلَأٍ(٣) مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ:

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

ثُمَّ اتَّجَهَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ:

يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ ... وَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَيَّ ...

وَوَاللَّهِ مَا كَانَ دِينٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ؛ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ ...

وَوَاللَّهِ مَا كَانَ بَلَدٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ؛ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ ...

(١) حواشي المدينة: أطراف المدينة.

(٢) البقيع: بقعة في أطراف المدينة كانت كثيرة الشجر ثم أصبحت مقبرة دُفِنَ فيها كثيرٌ من الصحابة.

(٣) ملأ: جماعة.

61