55

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

لَكِنَّ ثُمَامَةً إِذَا كَانَ قَدْ كَفَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُفَّ عَنْ أَصْحَابِهِ، حَيْثُ جَعَلَ يَتْرَبَّصُ(١) بِهِمْ، حَتَّى ظَفِرَ بِعَدَدٍ مِنْهُمْ وَقَتَلَّهُمْ شَرَّ قِتْلَةٍ؛ فَأَهْدَرَ(٢) النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَمَهُ ، وَأَعْلَنَ ذَلِكَ فِي أَصْحَابِهِ .

***

لَمْ يَمْضِ عَلَّى ذَلِكَ طَوِيلُ وَقْتٍ حَتَّى عَزَمَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ عَلَى أَدَاءِ العُمْرَةِ، فَانْطَلَقَ مِنْ أَرْضِ ((الْيَمَامَةِ)) مُؤَلِياً وَجْهَهُ شَطْرَ مَكّةً، وَهُوَ يُمَنِّي نَفْسَهُ بِالطَّوَافِ حَولَ الكَعْبَةِ وَالذَّبْحِ لِأَصْنَامِهَا .

***

وَبَيْنَا كَانَ ثُمَامَةٌ فِي بَعْضٍ طَرِيقِهِ قَرِيباً مِنَ المَدِينَةِ نَزَلَتْ بِهِ نَازِلَةٌ لَمْ تَقَعْ لَهُ فِي حُسْبَانٍ .

ذَلِكَ أَنَّ سَرِيَّةٌ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَانَتْ تَجُوسُ(٣) خِلَالَ الدِّيَارِ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَطُقُ المَدِينَةَ طَارِقٌ، أَوْ يُرِيدَهَا مُعْتَدٍ بِشَرّ.

فَأَسَرَتِ السَّرِيَّةُ ثُمَامَةَ - وَهِيَ لَا تَعْرِفُهُ ، وَأَتَتْ بِهِ إِلَى المَدِينَةِ، وَشَدَّتْهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، مُنْتَظِرَةٌ أَنْ يَقِفَ النَّبِيِّ الكَرِيمُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ عَلَى شَأْنِ الأَسِيرِ، وَأَنْ تَأْمُرَ فِيهِ بِأَمْرِهِ.

وَلَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ إِلَى المَسْجِدِ، وَهَمَّ بِالدُّخُولِ فِيهِ رَأَى ثُمَامَةَ مَرْبُوطاً فِي السَّارِيَةِ ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ :

(أَتَدْرُونَ مَنْ أَخَذْتُمْ؟).

فَقَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ .

(١) يتربص بهم: ينتظر فرصة ليلحق بهم شراً.
(٢) أهدر دمه: أُباح دمّه .
(٣) تجوسُ: تدور وتتنقّلُ.

59