19

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

وَهُوَ تَصْغِيرٌ ((لِلكُوفَةِ)) وَتَشْبِيهٌ ((لِحِمْصَ)) بِهَا لِكَثْرَةِ شَكْوَى أَهْلِهَا مِنْ عُمَّالِهِمْ وَوُلَّاتِهِمْ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ أَهْلُ ((الكُوفَةِ)) - فَلَمَّا نَزَلَ بِهَا لَقِيَهُ أَهْلُهَا لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ: كَيْفَ وَجَدْتُمْ أَمِيرَكُمْ؟.

فَشَكَوْهُ إِلَيْهِ وَذَكَرُوا أَرْبَعاً مِنْ أَفْعَالِهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ.

قَالَ عُمَرُ: فَجَمَعْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ أَلَّا يُخَيِّبَ ظَنِّيَّ فِيهِ ؛ فَقَدْ كُنْتُ عَظِيمَ الثِّقَةِ بِهِ .

فَلَمَّا أَصْبَحُوا عِنْدِي هُمْ وَأَمِيرُهُمْ، قُلْتُ:

مَا تَشْكُونَ مِنْ أَمِيرِكُمْ؟.

قَالُوا: لَا يَخْرُجُ إِلَيْنَا حَتَّى يَتَعَالَى النَّهَارُ.

فَقُلْتُ: وَمَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ يَا سَعِيدُ؟.

فَسَكَتَ قَلِيلاً، ثُمَّ قَالَ :

وَاللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ ، أَمَّا وَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَهْلِي خَادِمٌ، فَأَقُومُ فِي كُلِّ صَبَاحٍ فَأَعْجِنُ لَهُمْ عَجِينَهُمْ، ثُمَّ أَتَرُكُهُ قَلِيلاً حَتَّى يَخْتَمِرَ، ثُمَّ أَخْبِزُهُ لَهُمْ، ثُمَّ أَتَوَضَّأُ وَأَخْرُجُ لِلنَّاسِ.

قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ لَهُمْ: وَمَا تَشْكُونَ مِنْهُ أَيْضاً؟.

قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُجِيبُ أَحَداً بِلَيْلٍ .

قُلْتُ: وَمَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ يَا سَعِيدُ؟ .

قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ أُعْلِنَ هَذَا أَيْضاً ...

فَأَنَا قَدْ جَعَلْتُ النَّهَارَ لَهُمْ، وَاللَّيْلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلٌّ.

23