169

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition

الأولى

وَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ صَلَّوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَادِلُ أُسَيْدًا مُحُبَّةً بِحُبٍّ، وَيَحْفَظُ لَهُ سَابِقَتَهُ فِي الإِسْلَامِ، وَذَوْدَهُ(١) عَنْهُ يَوْمَ ((أُحُدٍ)) حَتَّى إِنَّهُ طُعِنَ سَبْعَ طَعَنَاتٍ مُمِيتَاتٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.

وَكَانَ يَعْرِفُ لَهُ قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ فِي قَوْمِهِ، فَإِذَا شَفَعَ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ شَفَعَهُ فِيهِ...

حَدَّثَ أُسَيْدٌ قَالَ: جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِيهِمْ مَحَاوِيجُ(٢)، وَجُلُّ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ نِسْوَةٌ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:

(لَقَدْ جِئْتَنَا يَا أُسَيْدُ بَعْدَ أَنْ أَنْفَقْنَا مَا بِأَيْدِينَا، فَإِذَا سَمِعْتَ بِشَيْءٍ قَدْ جَاءَنَا فَاذْكُرْ لَنَا أَهْلَ ذَلِكَ الْبَيْتِ).

فَجَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالٌ مِنْ ((خَيْبَرَ)) فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَعْطَى الأَنْصَارَ وَأَجْزَلَ(٣)، وَأَعْطَى أَهْلَ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَأَجْزَلَ، فَقُلْتُ لَهُ:

جَزَاكَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَا نَبِيَّ اللَّهِ - خَيْرًا.

فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ جَزَاكُمُ اللَّهُ أَطْيَبَ الْجَزَاءِ، فَإِنَّكُمْ - مَا عَلِمْتُ(٤) - أَعِفَّةٌ صُبْرٌ، وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ أَثْرَةً بَعْدِي(٥)، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ)(٦).

قَالَ أُسَيْدٌ: فَلَمَّا آلَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَالًا وَمَتَاعًا، فَبَعَثَ إِلَيَّ بِخُلَّةٍ فَاسْتَصْغَرْتُهَا...

(١) ذوده عنه: دفاعه عنه.

(٢) محاويجُ: فقراءُ محتاجون.

(٣) أجزل: أكْثَرَ.

(٤) ما علمت: طول مدة معرفتي إياكم.

(٥) إنكم ستلقون أثرة بعدي: أي إِنَّ الناس سيستأثرون بالخير من دونكم.

(٦) انظر أصل هذا الخبر في البخاري ومسلم.

174