Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition
الأولى
Genres
وَيْحَكَ يَا مُصْعَبُ، هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَأَرْجَحُهُمْ عَقْلاً، وَأَكْمَلُهُمْ كَمَالاً: أُسَيْدُ بْنُ الخُضَيْرِ.
فَإِنْ يُسْلِمْ تَبِعَهُ فِي إِسْلَامِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَاصْدُقِ اللَّهَ فِيهِ، وَأَحْسِنِ الثَّانِيَّ(١) لَهُ.
* * *
وَقَفَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ عَلَى الْجَمْعِ، وَالْتَفَتَ إِلَى مُصْعَبٍ وَصَاحِهِ وَقَالَ:
مَا جَاءَ بِكُمَا إِلَى دِيَارِنَا، وَأَغْرَاكُمَا بِضُعَفَائِنَا؟!... اعْتَزِلَا(٢) هَذَا الحَيَّ إِنْ كَانَتْ لَكُمَا بِنَفْسَيْكُمَا حَاجَةٌ(٣).
فَالْتَفَتَ مُصْعَبٌ إِلَى أُسَيْدٍ بِوَجْهِهِ الْمُشْرِقِ بِنُورِ الإِيمَانِ، وَخَاطَبَهُ بِلَهْجَتِهِ الصَّادِقَةِ الْآسِرَةِ وَقَالَ لَهُ:
يَا سَيِّدَ قَوْمِهِ، هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟.
قَالَ: تَجْلِسُ إِلَيْنَا وَتَسْمَعُ مِنَّا، فَإِنْ رَضِيتَ مَا قُلْنَاهُ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَهُ تَحَوَّلْنَا عَنْكُمْ وَلَمْ نَعُدْ إِلَيْكُمْ.
فَقَالَ أُسَيْدٌ: لَقَدْ أَنْصَفْتَ، وَرَكَزَ رُمْحَهُ فِي الأَرْضِ وَجَلَسَ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ يَذْكُرُ لَهُ حَقِيقَةَ الإِسْلَامِ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ؛ فَانْبَسَطَتْ أَسَارِيرُهُ وَأَشْرَقَ وَجْهُهُ وَقَالَ:
(١) أحسن التأتي له: أحسن عرض الأمر عليه.
(٢) اعتزلا هذا الحي: ابتعدا عنه.
(٣) إن كانت لكما بنفسيكما حاجة: كناية عن التهديد بالقتل.
169