131

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

عدى بن حاتم الطائى

((أَنْتَ آمَنْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا، وَوَلَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا))

[عُمَرُ بنُّ الخَطَّابِ]

فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِلْهِجْرَةِ دَانَ(١) لِلإِسْلَامِ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ العَرَبِ بَعْدَ نُفُورٍ، وَلَانَ لِلإِيمَانِ بَعْدَ إِعْرَاضٍ وَصَدٍّ، وَأَعْطَى الطَّاعَةَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ إِبَاءٍ.

ذَلِكُمْ هُوَ عَدِيٌّ بْنُ حَاتِمِ الطَّائِيُّ الَّذِي يُضْرَبُ المَثَلُ بِجُودِ أَبِيهِ.

***

وَرِثَ عَدِيٌّ الرِّئَاسَةَ عَنْ أَبِيهِ فَمَلَّكَتْهُ (طَيِّىٌّ) عَلَيْهَا، وَفَرَضَتْ لَهُ الرُّبُعَ فِي غَنَائِمِهَا، وَأَسْلَمَتْ إِلَيْهِ الْقِيَادَ.

وَلَمَّا صَدَعَ(٢) الرَّسُولُ الكَرِيمُ صلى الله عَلَيْهِ وسلم بِدَعْوَةِ الهُدَى وَالحَقِّ، وَدَانَتْ لَهُ العَرَبُّ حَيَّا بَعْدَ حَيٍّ؛ رَأَى عَدِيٌّ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ زَعَامَةً تُوشِكُ أَنْ تَقْضِيَ عَلَى زَعَامَتِهِ، وَرِيَاسَةٌ سَتُفْضِي(٣) إِلَى إِزَالَةِ رِيَاسَتِهِ، فَعَادَى الرَّسُولَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَشَدَّ العَدَاوَةِ - وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ - وَأَبْغَضَهُ أَعْظَمَ البُغْضِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ.

وَظَلَّ عَلَى عَدَاوَتِهِ لِلْإِسْلَامِ قَرِيباً مِنْ عِشْرِينَ عَاماً حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِدَعْوَةِ الهُدَى وَالحَقِّ.


(١) دان للإِسْلام: خضع له وانقاد.

(٢) صدع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بدعوته: أعلنها وجهر بها.

(٣) ستفضي: ستؤول وتؤدي.

135