126

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

ثُم قَالَ: دَلِّ زِمَامَ(١) الْفَعْلِ - وَكَانَتْ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ - ثُمَّ سَأَلَنِي فِي أَيّ عُقْدَةٍ مِنْهَا أُرِيدُ أَنْ يَضَعَ لِيَ السَّهْمَ، فَأَشَرْتُ إِلَى الْوُسْطَى فَرَمَى السَّهْمَ فَأَدْخَلَهُ . فِيهَا حَتَّى لَكَأَنَّمَا وَضَعَهُ بِيِّدِهِ، ثُمَّ أَصَابَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ ...

عِنْدَ ذَلِكَ ، أَعَدْتُ سَهْمِي إِلَى الكِتَانَةِ وَوَقَفْتُ مُسْتَسْلِماً، فَدَنَا مِنِّي وَأَخَذَ سَيْفِي وَقَوْسِي، وَقَالَ: ارْكّبْ خَلْفِي، فَرَكِبْتُ خَلْفَهُ، فَقَالَ:

كَيْفَ تَظُنُّ أَنِّي فَاعِلٌ بِكَ؟ .

فَقُلْتُ: أَسْوَأَ الظَّنِّ.

قَالَ : وَلِمَ ؟ !.

قُلْتُ : لِمَا فَعَلْتُهُ بِكَ، وَمَا أَنْزَلْتُ بِكَ مِنْ عَنَاءٍ وَقَدْ أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِي.

فَقَالَ: أَوَتَظُنُّ أَنِّي أَفْعَلُ بِكَ سُوءًا وَقَدْ شَارَكْتَ ((مُهَلْهِلاً)) [ يَعْنِي أَبَاهُ ] فِي شَرَابِهِ وَطَعَامِهِ، وَنَادَمْتَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ؟ !!.

فَلَمَّا سَمِعْتُ اسْمَ ((مُهَلْهِلٍ)) قُلْتُ: أَزَيْدُ الخَيْلِ أَنْتَ؟.

قَالَ : نَعَمْ .

فَقُلْتُ: كُنْ خَيْرَ آسِرٍ .

فَقَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، وَمَضّى بِيَ إِلَى مَوْضِعِهِ وَقَالَ:

وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الإِبِلُ لِي لَسَلَّمْتُهَا إِلَيْكَ، وَلَكِنْهَا لِأُخْتٍ مِنْ أَخَوَاتِي، فَأَقِمْ عِنْدَنَا أَيَّاماً فَإِنِّي عَلَى وَشْكِ(٢) غَارَةٍ قَدْ أَعْتَمُ مِنْهَا .

وَمَا هِيّ إِلَّا أَيَّامٍ ثَلَاثَةٌ حَتَّى أَغَارَ عَلَى بَنِي ((نُمَيْرٍ) فَغَنِمَ قَرِيباً مِنْ مِائَةٍ نَاقَّةٍ

(٢) على وشك: على قُرْبٍ.

(١) الزمام : الرسن.

130