105

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

سلمان الفارسى

((لَوْ كَانَ الإِيمَانُ بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ))

[ قَالَهَا الرَّسُولُ ﷺ وَكَانَ وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ]

قِصَّتْنَا هَذِهِ هِيَ قِصَّةُ السَّاعِي وَرَاءَ الحَقِيقَةِ ، البَاحِثِ عَنِ اللَّهِ ...

قِصَّةُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ .

فَلْنُتْرِكْ لِسَلْمَانَ نَفْسِهِ المَجَالَ لِيَرْوِيَ لَنَا أَحْدَاثَ قِصَّتِهِ ...

فَشُعُورُهُ بِهَا أَعْمَقُ، وَرِوَايَتُهُ لَهَا أَدَقُّ وَأَصْدَقُ ...

قَالَ سَلْمَانُ :

كُنْتُ فَتًى فَارِسِياً مِنْ أَهْلِ (١) ((أَصْبَهَانَ))، مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: ((جَيَّانَ)). وَكَانَ أَبِي (٢) ((دُهْقَانَ)) الْقَرْيَةِ، وَأَغْنَى أَهْلِهَا غِنًى، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً .

وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ مُنْذُ وُلِدْتُ، ثُمَّ مَا زَالَ حُبُّهُ لِي يَشْتَدُّ وَيَزْدَادُ عَلَى الأَيَّامِ حَتَّى حَبَسَنِي فِي الْبَيْتِ خَشْيَةً عَلَيَّ؛ كَمَا تُحْبَسُ الْفَتَاةُ.

وَقَدْ اجْتَهَدْتُ فِي (٣) ((المَجُوسِيَّةِ))، حَتَّى غَدَوْتُ قَيِّمَ النَّارِ الَّتِي كُنَّا نَعْبُدُهَا، وَأُنيطَ (٤) بِي أَمْرُ إِضْرَامِهَا حَتَّى لَا تَخْبُوَ سَاعَةٌ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ...

وَكَانَ لِأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ تَدِرُّ عَلَيْنَا دَخْلًا كَبِيرًا، وَكَانَ أَبِي يَقُومُ (٥) عَلَيْهَا ، وَيَجْنِي غَلَتَهَا .

(١) أصبهان أو أصفهان : مدينة بوسط إيران، بين طهران وشيراز.

(٢) دهقان القرية : رئيسها .

(٣) المجوسيّة: دِينٌ يعبدُ أصحابُه النَّارَ أَوْ الشَّمْس.

(٤) أُنيط بي: أُوكل إليّ.

(٥) يقوم عَلَيْهَا: يُشرفُ عَلَيْهَا وَيَعْتَنِي بِهَا.

109