[الجزء الاول]
مقدمة القسم الأول
قد رأينا أن نضع مقدمة كاملة فى القسم الثالث من طبعة كتاب ابن حوقل الحاضرة تحتوى أيضا على فهرس الأسماء وعلى بعض الإشارات اللغوية فنكتفى هنا بما لا بد منه من التنبيهات، اعتمدنا فى هذه الطبعة على نسخة واحدة وهى النسخة المرقومة 3346 بخزانة السراى العتيق فى استنبول وقد نسخت فى سنة 479 الهجرية المقابلة لسنة 1086 الميلادية، وما يوجد فيها من نص كتاب ابن حوقل هو يخالف نسختى خزانتى (ليدن) و(اوكسفورد) اللتين اعتمد الأستاذ (ده غويهde goeje ) عليهما فى الطبعة الأولى فى الجزء الثانى من (نشريات جغرافيى العربbibliotheca geographorum arabicorum ) المطبوعة فى (ليدن) سنة 1873، كما استعمل (ده غويه) أيضا فى طبعته النسخة العربية المرقومة 2214 فى المكتبة الأهلية (باريس) وأطلق عليها فى طبعته اسم الموجز الباريسى (epitome parisiensis) وهو مختصر نص النسخة الاستنبولية المذكورة إلا أنه توجد فيها عدة إضافات عن الفترة الواقعة بين سنة 534 ه. وسنة 580 ه. (1139 م.- 1184 م.)، فيكون إذا تحت تصرفنا ثلاث نصوص متباينة هى (1) النص الموجود فى النسخة الاستنبولية التى اعتبرناها مصدرا لهذه الطبعة الثانية و(2) النص الموجود فى الطبعة الأولى التى نشرها (ده غويه) و(3) النص المختصر المذكور آنفا، وسنذكر فى المقدمة الكاملة بعض النسخ الأخرى المحتوية على النصين الأول والثالث مع مقارنة جميع تلك النسخ وسرد ما بينها من الاتفاق والاختلاف، وأما النص الثانى فمعرفتنا به كافية من طبعة ابن حوقل الأولى حيث يتيسر للباحث مقارنة الاختلافات الصغرى بها دون إعادة نقلها هنا،
Page 1
ومما يدل على عظم شأن النص الأول أنه يوجد فيه بعض قطع غير معلومة الى الآن من قلم ابن حوقل وهى تتعلق خاصة بوصف القسم الغربى من مملكة الإسلام كما ورد فى بلاد البجة وتأريخهم وفى تعداد أكثر من مائتى قبيلة من قبائل البربر وفى الوصف المطول فى أحوال صقلية وفى صفة الواحات إذا استثنينا عدة إضافات قصيرة وأما القسم الشرقى فقد جاءت به فقرة غير معلومة الى الآن فى وصف مدينة اصبهان، ويوجد بالعكس فى النص الثانى بعض الفقرات التى لا أثر لها فى النص الأول من أهمها الخبر عن ابتداء أسفار المؤلف فى مقدمة الكتاب والفقرات المختصة ببعض الخلفاء الفاطميين والخبر الوارد فى آخر صفة السند عن ملاقاة المؤلف لأبى إسحاق الفارسى ومحاورتهما فيما كانا قد رسماها من الصور، وقد أدخلنا الفقرات الزائدة المختصة بالنص الثانى فى متن النص الأول بين قوسين مربعين []، فإذا تحتوى هذه الطبعة الثانية على كل ما هو معلوم الآن من مادة كتاب ابن حوقل فتصبح الطبعة الحاضرة متكافئة مع الطبعة الأولى التى نقدت منذ زمن طويل، وقد وضعنا بالهامش أرقام صفحات الطبعة الأولى وأضفنا أيضا بعض الفقرات المنسوبة الى ابن حوقل فى مؤلفات أخرى أورد فيها نص هو على ما يظهر أكمل من النص الموجود فى النسخ المعروفة، وقد قابلنا عند الحاجة أحيانا نص الإصطخرى كما فعله أيضا ناشر الطبعة الأولى، وأدرجنا كذلك فى هذه الطبعة ما يوجد من الإضافات فى النص الثالث المختص بالقرن السادس الهجرى، وهى التى كان الأستاذ (ده غويه) قد أدرجها فى الحواشى التى بأسفل الصفحات من طبعته وما يختص منها بالمائة صفحة الأولى فى الحواشى الباقية التى جاءت بص. 432- 435 من الجزء الرابع لنشريات جغرافيى العرب (ليدن 1879)، إلا أنه يظهر الآن أن كثيرا من هذه الإضافات تتعلق أصلا بالنص الأول الموجود فى النسخة الاستنبولية،
Page 2
وأما باقى هذه الإضافات فينسب أكثرها الى زمان المختصر على ما قرره ناقله فى أكثر الأحوال تقريرا صريحا مع ضبط التواريخ، ولا يبقى إلا فقرات قليلة يرتاب فيما إذا كان من الممكن نسبتها الى النص الأول أو الثالث، وقد أدرجنا إضافات النص الثالث فى متننا بحروف صغرى بين قوسين مربعين [] أيضا، وفصلنا الأبواب المحتوى كل واحد منها على صفة إقليم واحد فى عدد من القطع وهذا التفصيل غير راجع الى متن الأصل الذي من أضعف خاصياته ضبط علامات الوقف (،)، وقد رتبت هذه القطع على أساس محتويات النص المادية وأيضا بمقابلة نص الاصطخرى حتى يمكننا بذلك الترتيب فهم العلاقات الموجودة بين نصوص تأليف ابن حوقل المختلفة وكذلك بين هذه النصوص وبين نص الاصطخرى، ومع ذلك نرجو أن يسهل ذلك التفصيل استعمال الطبعة الحاضرة، إنه يوجد فى معظم نسخ الاصطخرى وابن حوقل من الصور التى لا بد منها فى إدراك معنى المتن كما لا بد من المتن فى إدراك الصور، وبناء على ذلك أدخلنا فى هذه الطبعة كل الصور الموجودة فى النسخة الاستنبولية فى شكل رسوم تخطيطية وأدخلنا كذلك فى المتن بعد كل واحد من التنبيهات المشيرة الى صورة إقليم فصلا يوضح فيه ما يوجد فى تلك الصورة من الأسماء والنصوص وكثير من تلك الأسماء لا يوجد فى المتن نفسه، فأمكننا بهذه الطريقة إدراج تلك الأسماء فى فهرس الأسماء فى آخر الكتاب بالإشارة الى الصفحات التى فيها إيضاح الصورة، ولا توجد صور خصوصية للأندلس ولصقلية إذ كانت هذه الأقاليم داخلة أولا فى صفة بلاد المغرب، وقد ضبطنا الأسماء الموجودة فى الصور وكذلك الأسماء الواردة فى المتن على قواعد متشابهة وهى أنا اعتنينا فى كل موضع بضبط الهجاء وتصحيح الأخطاء الظاهرة، وقد أشرنا فى كل موضع فى الحواشى الى ضبط الأصل كما أظهرنا فيها أيضا الضبط الموجود فى الطبعة الأولى
Page 3
إذا خالفناها، فأما ما يوجد فى النسخ السائرة من الروايات العديدة التى قد طولت حواشى بعض الصفحات فى طبعتى الاصطخرى وابن حوقل المتقدمتين تطويلا مفرطا فلم نورد منها إلا ما استدعى إيراده سبب خاص، فلا تزال الاستفادة من اختلافات النسخ المشار اليها فى كل موضع من الطبعتين المتقدمتين لازمة إلا أننا رأينا تأخير بيان سبب ضبطنا الى حين ترجمة المتن وشرحها، والمؤلفات الأخرى التى استشهدنا بها فى بعض الأحيان هى منقولة عن الطبعات المشهورة وسنورد جدولها فى المقدمة الكاملة، ونقلنا آيات القرآن عن طبعة (فلوغلflugel ) الثانية (ليبسيك 1906)، والاصطلاحات والاختصارات المستعملة فى الحواشى كما هو آت:
الأصل النسخة المرقومة 3346 فى خزانة السراى العتيق باستنبول، حط طبعة ابن حوقل الأولى فى الجزء الثانى من نشريات جغرافيى العرب، حل نسخة ابن حوقل التى فى خزانة الجامعة (لميدن)، حو نسخة ابن حوقل التى فى خزانة (البدليانةbodleiana ) (اوكسفورد)، حب النسخة الباريسية المحتوية على النص الثالث المختصر من ابن حوقل، صط طبعة الاصطخرى فى الجزء الأول من خزانة جغرافيى العرب، قطعة قسم من الأقسام التى انقسم اليها كل باب، فقرة قسم من المتن هو أقصر من قطعة،
Page 4
فهرس القسم الأول
المقدمة ص. 2 صورة الأرض 5 ديار العرب 18 بحر فارس 42 المغرب 60 الاندلس 108 صقليه 118 مصر 132 الشأم 165 بحر الروم 190 الجزيرة 207 العراق 231
Page 5
لابن حوقل النصيبى كتاب صورة الأرض (1)
وصفة أشكالها ومقدارها فى الطول والعرض وأقاليم البلدان ومحل الغامر منها والعمران من جميع بلاد الإسلام بتفصيل مدنها وتقسيم ما تفرد بالأعمال المجموعة اليها،
Page 1
[المقدمة]
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله المحمود بنعمه المشكور على آلائه وقسمه وصلى الله على خير خلقه محمد وأبرار عترته وسلم، (2) (4) أما بعد فإن أحق من رقى الى المكارم فحل منها فى الذروة وسما الى الرغائب فلذ منها بالصفوة من قدمته خلائقه وفضلته سوابقه وأصبح ومناويه مخصوم وثانيه معدوم والمستسلم اليه آمن والمتمسك بحبله ساكن واللاجئ اليه موفق والمثنى عليه مصدق فهو للعلم وأهله حليف وبالأدب والمعتزى اليه خصيص شريف قد رسخت فيهما أعراقه ووشجت وانتسجت بهما همه وأخلاقه ذاك أبو السرى الحسن بن الفضل بن أبى السرى الاصبهانى (10) سليل السراة وشهاب الكفاة وغيث العفاة زمام الفضائل وقطب الخصائل والأحق (11) بقول القائل
كم عارف بى لست أعرفه
ومخبر (12) عنى ولم يرنى
يأتيهم خبرى وإن نزحت
دارى وبوعد عنهم وطنى
والى الله أرغب فى إطالة مدته ورفع درجته وسمو منزلته إنه مجيب قريب، (3) وقد عملت له كتابى هذا بصفة أشكال الأرض ومقدارها فى الطول والعرض وأقاليم البلدان ومحل الغامر منها والعمران من جميع بلاد الإسلام بتفصيل مدنها وتقسيم ما تفرد بالأعمال المجموعة اليها، ولم أقصد الأقاليم السبعة التى عليها قسمة الأرض لأن الصورة الهندية التى بالقواذيان (18) وإن كانت صحيحة فكثيرة التخليط وقد جعلت لكل قطعة أفردتها تصويرا
Page 2
وشكلا يحكى موضع ذلك الإقليم ثم ذكرت ما يحيط به من الأماكن والبقاع وما فى أضعافها من المدن والأصقاع وما لها من القوانين والارتفاع وما فيها من الأنهار والبحار وما يحتاج الى معرفته من جوامع ما يشتمل عليه ذلك الإقليم من وجوه الأموال والجبايات والأعشار والخراجات والمسافات فى الطرقات وما فيه من المجالب والتجارات إذ ذلك علم يتفرد به الملوك الساسة وأهل المروات والسادة من جميع الطبقات، (4) (7) [وكان مما حضنى على تأليفه وحثنى على تصنيفه وجذبنى الى رسمه أنى لم أزل فى حال الصبوة شغفا بقراءة كتب المسالك متطلعا الى كيفية البين بين (9) الممالك فى السير والحقائق وتباينهم فى المذاهب والطرائق وكمية (10) وقوع ذلك فى الهمم والرسوم والمعارف والعلوم والخصوص والعموم وترعرعت فقرأت الكتب الجليلة المعروفة والتواليف الشريفة الموصوفة فلم أقرأ فى المسالك كتابا مقنعا وما رأيت فيها رسما متبعا (12) فدعانى ذلك الى تأليف هذا الكتاب واستنطاقى (13) فيه وجوها من القول والخطاب وأعاننى عليه تواصل السفر وانزعاجى عن وطنى مع ما سبق به القدر لاستيفاء الرزق والأثر والشهوة لبلوغ الوطر بجور السلطان وكلب الزمان وتواصل الشدائد على أهل المشرق والعدوان واستئناس سلاطينه بالجور بعد العدل والطغيان وكثرة الجوائح والنوائب وتعاقب الكلف والمصائب واختلال النعم وقحط الديم،] (5) (19) [فبدأت سفرى هذا من مدينة السلام يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثلثين وثلثمائة وفيه خرج أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان منهزما عنها الى ديار ربيعة من أيدى الأتراك وقد
Page 3
عملوا على القبض عليه بعد أن استتبت له الأمور بها واتسعت به الأحوال فيها وشرفت به الأعمال وتناهى فى الصولة ولقب بناصر الدولة وأنا من حداثة السن وغرته وفى عنفوان الشباب وسكرته قوى البضاعة ظاهر الاستطاعة،] (6) وقد ذكرت فى آخر كتابى هذا كيف (5) تعاورتنى الأسفار واقتطعتنى فى البر دون ركوب البحار الى أن سلكت وجه الأرض بأجمعه فى طولها وقطعت وتر الشمس على ظهرها، ووصفت رجالات أهل البلدان وأعيان ملوكها من ذوى السلطان وأهل الإمكان والمقدمين فى كل ناحية وبلد بالإحسان الى ذكر النادرة بعد النادرة من محاسنهم والفضيلة بعد الفضيلة من مكارسهم، (7) ولم أستقص ذلك كراهية الإطالة المؤدية الى ملال قارئه ولأن الغرض فى كتابى هذا تصوير هذه الأقاليم التى لم يذكرها أحد علمته ممن شاهدها، فأما ذكر مدنها وجبالها (13) وأنهارها وبحارها والمسافات فيها وبعض ما أنا ذاكره فقد يوجد فى الأخبار متفرقا ولا يتعذر على من أراد تقصى شىء من ذلك من سافرة أهل كل بلد وإن كانت المتعصبة للبلدان والقبائل جارية على خلاف ما توخيته [2 ظ] وشرعت فيه ورسمته من قصدها لحقائقها وإيرادها على ما هى عليه من طرائقها،
Page 4
[صورة الأرض]
(1) وقد حررت ذكر المسافات واستوفيت صور المدن وسائر ما وجب ذكره واتخذت لجميع الأرض التى يشتمل عليها البحر المحيط الذي لا يسلك صورة تضاهى صورة القواذيان (4) من جهة وتخالفها فى مواضع، وأعربت (5) عن مكان كل إقليم مما ذكرته واتصال بعضه ببعض ومقداره كل ناحية فى سعتها وصورتها من مقدار الطول والعرض والاستدارة والتربيع والتثليث وسائر ما يكون عليه أشكال تلك الصورة والعمل وموقع كل مدينة من مدينة تجاورها وموضعها من شمالها وجنوبها وكونها بالمرتبة من شرقها وغربها ليكتفى الناظر ببيان موقع كل إقليم وموضعه ومكانه وما توخيته من ترتيبه وأشكاله وقصصته من أحواله وأخباره، وقد يقع له فيما كان يعتقده شك فى طول الأرض وكبرها وحالها فى تقارب عرضها وطولها وصغرها ولا يقارب هذا التأليف عنده كتاب الجيهانى ولا يوافق رسم ابن خرداذبه وسبيل قارئه أرشده الله أن ينعم النظر فيما شك منه ويتأمله تأمل من حمل عنه بتحرى الصدق فيه كثير من غثاثة الناقلين وكذب المسافرين الذين لا يعلمون ولا قصدهم الحق فيما يبغون، وليعلم أن الأسباب المحرضة على تأليفه المقتضية لعمله اللذة بالإصابة فى المقصد والمحبة للظفر بإبانة كل بلد والذكر الجميل من أهل التحصيل فى كل مشهد، (2) وقد فصلت بلاد الإسلام إقليما إقليما وصقعا صقعا وكورة كورة
Page 5
لكل عمل وبدأت بذكر ديار العرب فجعلتها إقليما واحدا لأن الكعبة فيها ومكة أم (2) القرى وهى واسطة هذه الأقاليم عندى، وأتبعت ديار العرب بعد أن رسمت فيها جميع ما تشتمل عليه من الجبال والرمال والطرق وما يجاورها من الأنهار المنصبة الى بحر فارس ببحر فارس لأنه يحتف بأكثر ديارها وشكلت عطفه عليها ولأن بحر فارس يعطف من جزيرة مسقط مغربا الى مكة والى القلزم عن خمسين فرسخا من عمان ويدعى ذلك الموضع رأس الجمجمة، ثم ذكرت المغرب ورسمته فى وجهين وبدأت بشكل ما حاز منه أرض مصر الى المهدية والقيروان وما فى براريها من المدن وإن قلت وأعقبتها بباقى صورته من القيروان والمهدية الى أرض طنجة وازيلى ورسمت على بحره مدنه الساحلية وشكلت طرقه الى جميع أنحائها وكيفيتها مغربة ومشرقة فى سائر جهاتها، ثم ذكرت مصر فى شكلين حسب ما جرى رسم المغرب به ولطول العمل أعربت فيهما عن حال مدنها ومواقعها على المياه الجارية فى أرضها وما كان برسمها فى البعد عن المياه وخططت (14) جبالها ومياهها بخلجانها وشعبها واتصال بعضها ببعض وانفصالها الى البحر على حيالها وما يصب من ماء الفيوم الى بحيرة أقنى وتنهمت، ثم صورت الشأم وأجناده وجباله ومياهه من أنهاره وبحره وما على ساحله من المدن وبحيرة طبرية وبحيرة زغر (17) وتيه بنى إسرائيل وموقعه من ظاهر الشأم، ثم بحر الروم وكيفيته فى ذاته وشكله فى نفسه وما عليه من الجانب الشرقى [2 ب] للروم من المدن والأعمال المحاذية لبلد المغرب وذكرت ما بقلوريه للروم من المدن والانكبرذه والزنقة المعروفة ببلبونس والخليج الخارج من بحر الروم الى المجاز المحيط على القسطنطينية (22) ومياه بلد الروم وأكابر أنهاره ومدنه وكنت استوفيت صورة الاندلس (23) فى أشكال المغرب فلم أعد شيئا منها وقد رسمت فى هذا البحر
Page 6
الجزائر المشهورة المسكونة وما دعت الحاجة الى ذكره إذ كان مسكونا مشهورا، ثم ذكرت الجزيرة المشهورة المعروفة بديار ربيعة ومضر وبكر وكيفية دجلة والفرات عليها واشتمالهما على حدودها الى ذكر جبالها وسائر طرقها وأحوالها، وأعقبتها بصورة العراق ومياهها وبطائحها وانصباب مياهها الى البحر وما يفرع ويفرغ اليها من أنهارها، وذكرت خوزستان على حدودها وأنهارها وما اقتضته صورتها وحالها، وقفيتها بصورة فارس على تصوير جميع أنهارها وبحيراتها ومواقع مدنها وصورة بحرها الى ما عليه من المدن الساحلية، وأتبعتها بصورة كرمان برها وبحرها وسهلها وجبلها وسائر طرقها وسبلها، ثم صورت بلاد السند ومدنها وطرقها وسبلها وبحرها وما عليه من مدنها وأثبت فيها نهر مهران وكيفية مصنه عن الملتان وما يصاقبه من بلاد الهند والإسلام، ثم تلوتها بصورة اذربيجان وشكلت ما فيها من الجبال والطرق والأنهار العذبة كالرس والكر الى أن رسمت بحيرة خلاط وبحيرة كبوذان وكلتاهما غير متصلتين بشيء من البحار وأثبت فيها جبل القبق، ثم صورت الجبال وأعمالها ومواقع بلدانها على ما هى به وما انحذق منها بدخول بعض مفازة خراسان وفارس على حدودها، وذكرت اليها صورة الجيل والديلم وطبرستان وما يليها من بحر الخزر وبعض سبله إذ لم أحط علما بكليته، وأتبعتها بصورة بحيرة طبرستان وجزيرتيها ومصب ما اليها من المياه وما يصاقبها من الجبال وكمية ما للإسلام منها وحدود ما لغيره من أقطارها، وشكلت المفازة التى بين فارس وخراسان وجميع ما فيها من الطرق الى النواحى المجاورة لها والمضافة الى حدودها وما يليها من أعمال سجستان على ما يجاورها من بلاد الغور وجبالها ومصب مياهها الى بحيرة زره (22)، وصورت خراسان وما فى ضمنها من طخيرستان وجبال الباميان وطوس وقوهستان بجميع مياهها الجارية وجبالها المشهورة ورمالها وطرقها المعروفة، ثم صورت نهر جيحون وما وراءه من
Page 7
أعمال بخارا وسمرقند واشروسنه واسبيجاب والشاش وخوارزم الى جميع ما يشتمل عليه من المياه ويحيط به من الطرق والمسالك، (3) [3 ظ] ما فى بطن هذه الورقة صورة جميع الأرض، [3 ب و4 ظ] إيضاح ما يوجد فى صورة الأرض من الأسماء والنصوص، قد كتب عند طرف الصورة الفوقانى الجنوب وتحت ذلك يمنة ويسرة صورة جميع الأرض ومع الطرف الأسفل الشمال، ثم مع الطرف الأيمن المغرب ومع الطرف الأيسر المشرق، قد قسمت الأرض قسمين وهما بر جنوبى وبر شمالى، ورسم فى البر الجنوبى نهر النيل وكتب على قسمه الجنوبى بلد التوبه دنقله وعلوه ثم على قسمه الشمالى الصعيد الأعلى ثم نواحى مصر، وعلى ساحل هذا البر عن يمين فوهة النيل بلد المغرب وفوق ذلك فى داخل البر أولا نواحى برقه واعمالها، ثم متصاعدا الى اليمين نواحى سرت واجدابيه، نواحى طرابلس واعمالها، نواحى افريقيه واعمالها، ثم فى زاوية البر على ساحل البحر المحيط بالأرض بلد طنجه واعمالها، وبعد ذلك تابعا للساحل اودغست للمسلمين، غانه للكفار، كوغه للكفار، سامه للكفار، غريوا للكفار، كزم للكفار، ووراء هذه الأسماء الممالك التى على البحر المحيط، ثم على الساحل برارى الجنوب ثم فى زاوية البر حيث يبتدئ بحر فارس اصل بحر فارس وعلى ساحل هذا البحر بلد الزنج، مفازه بين الزنج والحبشه، بلد الحبشه، وبين ذلك والنيل مفازة البجه وبراريها، وفى الجانب المقابل من النيل الواحات وأعمالها، ويقرأ وراء ذلك فى البر بلد ولد جالوت، ثم نواحى سجلماسه والسوس الأقصى واغمات، وانفصلت عن البر الشمالى قطعة فى يمين الصورة بخليج يقرأ عنده خليج قسطنطينيه، ويقرأ فى هذه القطعة بلد الروم مع أن أول كلمة بلد فى القطعة الأخرى من البر، وعلى ساحل القطعة الصغرى فى وسط الخليج القسطنطينيه ويليها على الساحل نواحى مجذونيه، ثم كسميلى، بلبونس، بذرنت، جون البنادقين، اذرنت، قلوريه، نواحى الانكبرذه، نواحى افرنجه وجليقيه وفى الزاوية بلد الاندلس، وفى الطرف التحتانى من البحر المحيط برارى الشمال،
Page 8
وكلمة الشمال هذه كتبت عن يسرة الخليج فى القطعة الأخرى من البر الشمالى، ويقرأ فى هذه القطعة وراء كلمة الشمال نواحى ياجوج وماجوج ثم متصاعدا الى الفوق الصقالبه وهو قسما فى القطعة الصغرى من البر ثم وراء ذلك فى جهة الشرق البلغار والروس، ثم على الخليج نواحى اطرابزنده، ومن فوق النهر المجانب للبلغار والروس بشجرت، البرطاس، الخزر، البجناكيه، البلغار مرة ثانية ثم بلد السرير (5)، ومن فوق ذلك بلد ارمينيه (6) الداخله والخارجه ويسرة اذربيجان والران، وعن يمين ارمينيه نهر دجله ثم الفرات وبينهما الجزيرة وبين الفرات والبحر يقرأ الشام، ثم عند مصب النهرين العراق ومن فوق ذلك ديار العرب، ثم يقرأ عن يسار العراق على البحر خوزستان ثم فارس، كرمان، السند ووراء ذلك الجبال، مفازه فارس، سجستان ووراء ذلك الديلم، طبرستان، خوارزم، الغزيه، خراسان، ومحانبا لخراسان نهر جيحون ووراءه ما وراء النهر ويقرأ بعد ذلك من بلد الصين، ثم من فوق ذلك الهند وفيه نهر مهران، ثم وراء ذلك الخرلخيه، التبت ووراء ذلك على البحر المحيط خرخيز، التغزغز، بلد الصين، (4) [4 ب] فهذه جميع الارض عامرها وغامرها وهى مقسومة على الممالك وعماد ممالك الأرض أربع فأعمرها وأكثرها خيرا وأحسنها استقامة فى السياسة وتقويم العمارات ووفور الجبايات مملكة ايران شهر وقطبها إقليم بابل وهي مملكة فارس، وكان حد هذه المملكة فى أيام العجم معلوما فلما جاء الإسلام أخذت من كل مملكة بنصيب فأخذت من مملكة الروم الشأم ومصر والمغرب والاندلس وأخذت من مملكة الصين ما وراء النهر وانضمت اليها هذه الممالك العظيمة، ومملكة الروم يدخل فيها حدود الصقالبة ومن جاورهم من الروس والسرير واللان والأرمن ومن دان بالنصرانية، ومملكة الصين يدخل فيها سائر بلدان الأتراك وبعض التبت ومن دان بدين أهل الأوثان منهم، ومملكة الهند يدخل فيها السند وقشمير وطرف من التبت ومن دان بدينهم، ولم أذكر بلدان السودان فى المغرب
Page 9
والبجة والزنج ومن فى أعراضهم من الأمم لأن انتظام الممالك بالديانات والآداب والحكم وتقويم العمارات بالسياسة المستقيمة وهؤلاء مهملون فى هذه الخصال ولا حظ لهم فى شىء من ذلك فيستحقوا (3) به إفراد ممالكهم بما ذكرت به سائر الممالك، غير أن بعض السودان المقاربين هذه الممالك المعروفة يرجعون الى ديانة ورياضة وحكم ويقاربون أهل هذه الممالك كالنوبة والحبشة فإنهم نصارى يرتسمون مذاهب الروم وقد كانوا قبل الإسلام يتصلون بمملكة الروم على المجاورة لأن أرض النوبة مصاقبة أرض مصر والحبشة على بحر القلزم وبينهما وبين أرض مصر مفاوز معمورة فيها معادن الذهب ويتصلون بمصر والشأم من طريق بحر القلزم، فهذه الممالك المعروفة ولما زادت مملكة الإسلام بما اجتمع اليها من طرائف هذه الممالك المذكورة شرفت وعظمت، (5) وقسمة الأرض على الجنوب والشمال فإذا أخذت من المشرق من الخليج الذي يأخذ من البحر المحيط بأرض الصين الى الخليج الذي يأخذ من هذا البحر المحيط من أرض المغرب بين أرض الاندلس وطنجة فقد قسمت (15) الأرض قسمين وخط هذه القسمة يأخذ من بحر الصين حتى يقطع بلد الهند ووسط مملكة الإسلام حتى يمتد على أرض مصر الى المغرب، فما كان فى حد الشمال من هذين القسمين فأهله بيض وكلما تباعدوا فى الشمال ازدادوا بياضا وهى أقاليم باردة، وما كان مما يلى الجنوب من هذين القسمين فأهله سود وكلما ازدادوا تباعدا (19) فى الجنوب ازدادوا سوادا وأعدل هذه الممالك فى الخط المستقيم وما قاربه، (6) وسأذكر كل إقليم من ذلك بما يعرف قربه ومكانه من الإقليم الذي يضامه ويصاقبه إن شاء الله، فأما مملكة الإسلام فإن شرقيها أرض الهند وبحر فارس وغربيها مملكة السودان السكان على البحر المحيط المتصلين ببرارى اودغست وصحاريها تجاه اوليل (24) وشماليها بلاد الروم وما يتصل
Page 10
بها من الأرمن واللان والران والسرير والخزر والروس والبلغار والصقالبة وطائفة من الترك ومن شمالها بعض مملكة الصين وما اتصل بها من بلاد الأتراك وجنوبيها بحر فارس، وأما مملكة الروم فإن شرقيها بلاد الإسلام وغربيها وجنوبيها البحر المحيط وشماليها حدود عمل الصين لأنى ضممت ما بين الأتراك وبلد الروم من الصقالبة وسائر الأمم التى تلى الروم [5 ظ] الى بلد الروم، وأما مملكة الصين فإن شماليها وشرقيها البحر المحيط وجنوبيها مملكة الإسلام والهند وغربيها أيضا البحر المحيط لأن ياجوج وماجوج ومن اليهم الى البحر المحيط من هذه المملكة، وأما أرض الهند فإن شرقيها بحر فارس وغربيها وجنوبيها بلاد خراسان وشماليها مملكة الصين، فهذه حدود هذه الممالك التى ذكرتها، (7) وأما البحار فأشهرها اثنان وأعظمها بحر فارس ثم بحر الروم وهما خليجان متقابلان يأخذان من البحر المحيط وأفسحهما طولا وعرضا بحر فارس، والذي يقترى بحر فارس من الأرض فمن حد الصين الى القلزم فإذا قطعت من القلزم الى الصين على خط مستقيم كان مقداره نحو مائتى مرحلة، وكذلك إذا شئت أن تقطع من القلزم الى أقصى حجر (15) بالمغرب على خط مستقيم ألفيته مائة وثمانين مرحلة، وإذا قطعت من القلزم الى أرض العراق فى البرية على خط مستقيم وشققت أرض السماوة ألفيته نحو شهر ومن العراق الى نهر بلخ نحو شهرين ومن نهر بلخ الى آخر بلاد الإسلام فى حد فرغانة نيف وعشرون مرحلة ومن هناك الى أن تقطع أرض الخرلخية كلها وتدخل فى عمل التغزغز نيف وثلثون مرحلة ومن هذا المكان الى البحر المحيط من آخر عمل الصين نحو شهرين، وأما من أراد قطع هذه المسافة من القلزم الى الصين فى البحر طالت (22) المسافة عليه لكثرة المعاطف والتواء الطرق فى هذه البحور، وأما بحر الروم فإنه يأخذ من البحر المحيط فى الخليج الذي بين المغرب والاندلس حتى ينتهى الى الثغور التى كانت تعرف بالشأمية ومقداره فى المسافة نحو أربعة أشهر وهو أحسن استقامة
Page 11
واستواء من بحر فارس وذلك أنك إذا أخذت من فم هذا الخليج أدتك ريح واحدة الى أكثر هذا البحر، وبين القلزم الذي هو لسان بحر فارس وبين بحر الروم على سمت الفرما ثلث مراحل ويزعم بعض المفسرين فى قول الله تعالى بينهما برزخ لا يبغيان (4) أنه هذا الموضع ويزعم أهل التأويل غير ذلك غير أن بحر الروم يجاوز الفرما بنيف وعشرين مرحلة وهو مفصل فى مسافات المغرب بما يغنى عن إعادته، ومن مصر الى أقصى المغرب نحو مائة وثمنين مرحلة فكأن ما بين أقصى الأرض من المغرب الى أقصاها من المشرق نحو أربع مائة مرحلة، (8) وأما عرضها من أقصاها فى حد الشمال الى أقصاها فى حد الجنوب فإنك تأخذ من ساحل البحر المحيط حتى تنتهى الى أرض ياجوج وماجوج ثم تمر على ظهر أرض الصقالبة فتقطع أرض البلغار الداخلة والصقالبة وتمضى فى بلد الروم الى الشأم وأرض مصر والنوبة ثم تمتد فى برية بين بلاد السودان وبلاد الزنج حتى تنتهى الى البحر المحيط فهذا خط ما بين جنوبى الأرض وشماليها، وأما الذي أعلمه من مسافة هذا الخط فإن من ياجوج الى بلغار وأرض الصقالبة فنحو أربعين مرحلة ومن أرض الصقالبة فى بلد الروم الى الشأم نحو ستين مرحلة ومن أرض الشأم الى أرض مصر نحو ثلثين مرحلة ومنها الى أقصى النوبة نحو ثمنين مرحلة حتى تنتهى الى البرية التى لا تسلك فذلك مائتا مرحلة وعشر مراحل كلها عامرة مسكونة، وأما ما بين ياجوج وماجوج والبحر المحيط فى الشمال وما بين برارى السودان والبحر المحيط [فى الجنوب] (20) فقفر خراب ما بلغنى أن فيه عمارة ولا حيوانا ولا نباتا ولا يعلم مسافة هاتين البريتين الى شط البحر كم هى وذلك أن سلوكهما غير ممكن لفرط البرد الذي يمنع من العمارة [5 ب] والحياة فى الشمال وفرط الحر المانع من العمارة والحياة فى الجنوب، وجميع ما بين المغرب والصين فمعمور كله والبحر المحيط محتف بالأرض كالطوق ومأخذ بحر فارس وبحر الروم من البحر المحيط،
Page 12
(9) فأما بحر الخزر فليست له مادة من شىء من ذين البحرين بوجه (1) ولا سبب وقد حكيت عن هذا البحر حكايات كثيرة عن كبار المؤلفين ولقد قرأت فى غير نسخة لجغرافيا أنه يستمد من بحر الروم عن بطلميوس وأعوذ بالله أن يكون مثل بطلميوس يذكر المحال أو يصف شيئا بخلاف ما هو به، وهذا البحر فى قرار من الأرض مادته الماء العذب والذي يفرع اليه ويفرغ فيه فنهر آتل وهو أكبر مواده وهو نهر الروس ونهر الكر والرس ومياه الجيل والديلم وطبرستان ونواحى الغزية (7) وجميعها مياه عذبة وإنما تربتها فاسدة حمائية فالماء يأجن ويأسن فيها لذلك، وهو بحر لو أخذ السائر على ساحله من الخزر على أرض اذربيجان الى الديلم وطبرستان وجرجان والمفازة على جبل سياه كويه لرجع الى مكانه الذي سار منه بغير أن يمنعه مانع من ماء مالح سوى الأنهار العذبة التى ذكرتها، فأما بحيرة خوارزم فكذلك أيضا لا تتصل ببحر غيرها، وفى أراضى الزبح وبلدانهم خلجان وكذلك فى أعراض بلد الروم خلجان وبحار لا تذكر لقصورها عن هذه البحار وكثرتها، وقد أخذ من البحر المحيط خليج يمر على ظهر بلد الصقالبة ويقطع أرض الروم على القسطنطينية (15) حتى يفرع فى بحر الروم (16)، (10) وأرض الروم حدها من هذا البحر المحيط على بلد الجلالقة (17) وافرنجه وروميه (18) واثيناس الى القسطنطينية ثم الى أرض الصقالبة ويشبه أن يكون نحو مائة وسبعين مرحلة وذلك أن من حد الثغور فى الشمال الى أرض الصقالبة نحو شهرين وقد ثبت أن من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال مائتى مرحلة وعشر مراحل، والروم المحض من حد رومية (21) الى حد الصقالبة
Page 13
وما ضممته الى بلد الروم من الافرنجه والجلالقة وغيرهم فإن لسانهم مختلف غير أن الدين والمملكة واحد كما أن لمملكة الإسلام ألسنة والبلد واحد، (11) ومملكة الصين على ما يزعم [أبو إسحاق الفارسى (3) و] أبو إسحاق إبراهيم بن البتكين حاجب صاحب خراسان أربعة أشهر فى ثلثة أشهر، فإذا أخذت من فم الخليج حتى تنتهى الى دار الإسلام بما وراء النهر فهو نحو ثلثة أشهر وإذا أخذت من حد المشرق حتى تقطع الى حد المغرب فى أرض التبت وتمتد فى أرض التغزغز وخرخيز وعلى ظهر كيماك الى البحر فهو نحو أربعة أشهر، ولمملكة الصين ألسنة مختلفة وجميع الأتراك من التغزغز وخرخيز وكيماك والغزية والخرلخية فألسنتهم واحدة وبعضهم يفهم عن بعض، ولأرض الصين والتبت لسان مخالف لهذه الألسنة كألسنة صنهاجة اودغست (11) وأهل سرت وأهل قسطيليه وغيرهم من البربر فإن لهم ألسنة خاصية ولسان البربر يجمعهم ويفهم بعضهم عن بعض به، ومملكة الصين كلها منسوبة الى صاحب الصين المقيم بخمدان (13) كما مملكة الروم منسوبة الى الملك المقيم بالقسطنطينية ومملكة الهند منسوبة الى الملك المقيم بقنوج كنسبة مملكة الإسلام الى الملك المقيم ببغداد، (12) وفى ديار الأتراك ملوك متميزون بممالكهم فأما الغزية فإن حدود ديارهم ما بين الخزر وكيماك وأرض الخرلخية وبلغار وحدود دار الإسلام (17) ما بين [6 ظ] جرجان الى باراب واسبيجاب، وديار الكيماكية وهم من وراء الخرلخية فى ناحية الشمال فيما بين الغزية وخرخيز (19) وظهر الصقالبة، فأما ياجوج فهم (20) فى ناحية الشمال إذا قطعت ما بين الصقالبة والكيماكية والله أعلم بمقاديرهم وبلادهم جبال شاهقة لا يتوقلها الدواب ولا يرتقيها
Page 14
إلا الرجالة ولم ألق بهم أخبر من إبراهيم بن البتكين حاجب صاحب خراسان فأخبرنى أن تجاراتهم إنما تصل اليهم على ظهور الرجال وأصلاب المعز وأن تجارهم من نواحى خوارزم ربما أقاموا فى صعود جبل ونزوله الأسبوع والعشرة الأيام، وأما خرخيز فإنهم ما بين التغزغز وكيماك والبحر المحيط وأرض الخرلخية والغزية، وأما التغزغز فقبيل عظيم لهم دار واسعة ما بين التبت وأرض الخرلخية وخرخيز ومملكة الصين، والصين ما بين البحر المحيط والتغزغز والتبت والخليج الفارسى، وأرض الصقالبة عريضة طويلة نحو شهرين فى مثلها، وبلغار مدينة صغيرة ليس لها أعمال كثيرة وكانت مشهورة لأنها كانت فرضة لهذه الممالك فاكتسحها الروس وأتوا على خزران وسمندر واتل فى سنة ثمان وخمسين وثلثمائة وساروا من فورهم الى بلد الروم والاندلس وافترقوا فرقتين، والروس قوم همج سكان بناحية بلغار فيما بينهم وبين الصقالبة على نهر اتل، وقد انقطعت طائفة من الترك عن بلادهم فصاروا بين الخزر والروم يقال لهم البجناكية وليس موضعهم بدار لهم على قديم الأيام وإنما انتابوها فغلبوا عليها وهم شوكة الروسية وأحلافهم وهم الخارجون قديما الى الاندلس ثم الى برذعه، والخزر اسم لجنس من الناس وكان بلدهم صغيرا ذا جانبين يسمى اتل (16) أحد جانبيها باسم النهر والجانب الآخر خزران وهذا النهر يجرى من بلد الروس وليس لهذا المصر كثير رساتيق ولا سعة مملكة وهو بلد بين بحر الخزر والسرير (18) والروس والغزية، والتبت بين أرض الصين والهند وأرض الخرلخية والتغزغز وبحر فارس وبعضهم فى مملكة الهند وبعضهم فى مملكة الصين ولهم ملك قائم بنفسه يقال أن أصله من التبابعة والله أعلم، (13) وأما جنوبى الأرض من بلاد السودان فإن بلدهم الذي فى أقصى المغرب على البحر المحيط بلد ملتف ليس بينه وبين شيء من الممالك اتصال غير أن حدا له ينتهى الى البحر المحيط وحدا له ينتهى الى برية بينه وبين أرض المغرب وحدا له ينتهى الى برية بينه وبين أرض مصر
Page 15