123

Sūrat al-Qaṣaṣ: dirāsa taḥlīliyya

سورة القصص دراسة تحليلية

Genres

ونحن نجد أن قوله تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا
وَحَزَنًا﴾ «١» يثير سؤالًا مهمًا هو ما دلالة العداوة والحزن في كينونة موسى
(﵇) ولم لم تستخدم أي صفة أخرى مثل (وبالًا وصعوبة) أو (كائدًا ومعسرًا) والذي أراه والله أعلم أن ذكر المصدر (العدو) والاسم (الحزن) أبلغ من أي تعبير أخر، لأن التقاط آل فرعون (وهي صيغة عمومية) بمعنى ذكر الحال بالمآل لموسى (﵇) وهو رضيع في أيامه الأولى لا يحمل يومذاك لهم أي معنى بأن هذا الصغير سيكون سبب عسرهم (الحزن) وسيكون عدوًا لهم (كلّ العداوة) في سبيل الله جَلَّ جَلاَله. ولو قيل: (ليكون لهم وبالًا) أو (كائدًا) أو (معسرًا) لم يكن كذلك ذا معنى، لأن كلّ ذلك لا يمكن أن يتحقق من طفل صغير رضيع فكانت صيغة (عدوًا وحزنًا) هنا دالة على أنه سيعاديهم هم وليكون حزنهم هم دون سواهم، فكانت هذه الصيغة أبلغ في حد ذاتها مما لو استخدمت ألفاظ الآية أي مجموعة أخرى من الصفات، واللام في هذه الآية تدلّ على أنها لام التعليل، أو لام كي «٢» . ومما يؤيد هذا المعنى الذي ذكر ليكون موسى عدوًا خاصًا لهم تقديم الجار والمجرور (لهم) من عدوًا وحزنًا، فهذا التقديم أفاد الاختصاص.
وقوله تعالى: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ «٣» يَدُلُّ على أن الإعجاز الَقُرْآني إنما كان في استخدام لفظة (يشعرون) ونفيهما بـ (لا) لأن الشعور هو (العلم الدقيق) «٤» .

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨.
(٢) الكَشَّاف: ٣ /١٦٦. مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٢٨. الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦ / ٤٩٦٨.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١١.
(٤) ينظر جامع البيان: ١ ٠/٣٨. معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص ٢٦٩. مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٣٠.

1 / 123