116

Sūrat al-Qaṣaṣ: dirāsa taḥlīliyya

سورة القصص دراسة تحليلية

Genres

وفي هذا القلب يتجسد التصوير البلاغي وتتمثل الصورة البلاغية واضحة كل الوضوح بما يراه القارىء في ذهنه من صورة (عصبة) (أولي قوة) تنوء بهم مفاتيحهم الخاصة بكنوز قارون.
فكأن القرآن الكريم أسند كل الصورة هاهنا إلى المفاتيح، وجعلها محور النص، لأن من عادة العرب في كلامها أنها:
(تقدم ما بيانه عندها أهم) «١»، فقدمت المفاتح لنكتة بلاغية في التصوير البلاغي.
وقوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِه﴾ «٢» فيه من الصورة البلاغية، الصورة المقبوحة لشخص طاغية متكبر متجبر، تراه في نفسك وقد خرج على قومه، (وقد أسند الضمير لقومه تمييزًا لهم عن المؤمنين) . وفيه قوله تعالى: (في زينته) مشعر بأنه خرج بكل ما عنده من هيئة ولباس وحلي وكنوز، ولا يستطيع أي إنسان مهما بلغت به البلاغة أن يعيد تجسيد هذا المشهد إلا وهو ينتقص إما من اللفظ، وإما من المعنى.
ثم نجد بعد ذلك متواصلًا معه قوله تعالى: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض﴾ «٣»، فنحسّ أن ذلك الخسف متعلق بخروجه متكبرًا في زينته بعد ما كاد يفتن قلوب فريق من المؤمنين. والخسف الحقيقي هاهنا (لا المجازي) هو الذي جعل هذه القوة المتدفقة من النص يحسّها القارىء، ويشعر بها السامع على حد سواء.

(١) ينظر تأويل مشكل القرآن: ص ١٩٧.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧٩.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨١.

1 / 116