صلى الله عليه وسلم
ويقول: لو كنت معه لنصرته، ويذكر الخليفتين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب أحسن الذكر، ويجاري الشيعة في كلامهم عن معاوية ويزيد.»
وكان هذا شأنهم كما تحدث عنهم الرحالون الغربيون في أواسط القرن التاسع عشر (هوك جاليت من سنة 1844 إلى سنة 1846
Huc Galet ) فإنهم عرضوا المسيحية على أناس من كهان التيبت فاستحسنوها، وقالوا: إنهم لا يتحرجون من اعتقادها واعتقاد البوذية، وكل ما يوصينا بالخير فهو خير.
ويؤمن الصينيون بالإنسان الأول (بان كو) وأنه هو الذي فرق السماء والأرض أول مرة، وقدر للسماء أن تعلو كل يوم عشرة أقدام، وللأرض أن تكثف كل يوم عشرة أقدام، وأن تطول قامته هو كل يوم عشرة أقدام، فلما انقضت عليه ثمانية عشر ألف سنة، أصبحت السماء بهذا الارتفاع وأصبحت الأرض بهذه الكثافة، وسالت الدموع من عيني (بان كو) فجرى النهران الكبيران في الصين، وتنفس فانطلق الهواء، وتكلم فقصف الرعد، ولمح بعينه فومض البرق، ومات فاستحالت عظامه جبالا واستحالت عيناه شمسا وقمرا واستحال شعره نباتا، وسال شحمه فزخرت منه البحار وفاضت سائر الأنهار.
وإيمانهم بالسماء (تيين) هو في الواقع إيمان بإنسان عظيم، لعله عندهم سلف الأسلاف أجمعين، فهم يكتبون اسمها في صورة رجل يشير بيديه إلى الأعلى، ويذكرونها أحيانا باسم الإله الرفيع، ولم ينسبوا إليها خلق الدنيا في عقائدهم القديمة، بل تدرجوا في نسبة الخلق إليها حتى ثبتت هذه العقيدة بعد دخول الأديان الكتابية إلى الصين.
والقوم عمليون أرضيون في شعائرهم الدينية قلما يتعمقون بها أو يحلقون في الآفاق العلوية، فإله الأرض «شي» أولى عندهم بالقرابين؛ لأنها تعطي الثمرات وتنطوي فيها الأجساد بعد الممات، ولها في كل قرية أكمة من التراب ترمز إليها، ويتجه إليها الزراع بالقربان والدعاء، ورمزهم القومي التنين هو الوسيط بين الأرض والسماء لاستدرار المطر أيام القحط والجفاف.
أما السماء فصورتها في أخلادهم صورة «السلطة» الحاكمة التي تجري المقادير وتهدي الحاكمين إلى الصراط المستقيم، ولا يعلم مشيئتها أحد غير ذوي الدراية والنجامة، ومن وسائلهم قراءة الغيب المسطور على جلد السلحفاة أو تأمل الطوالع على السوق والأوراق في بعض الأعشاب.
وأقوى عباداتهم كما تقدم هي عبادة الأسلاف، وهذه الناحية مهمة جدا في فهم شعور الصيني نحو وطنه، فهو لا يحسب نفسه فردا في أمة عددها أربعمائة مليون يعيشون اليوم، بل هو فرد من ملايين لا تحصى منذ القدم، لها حق كحق الأحياء في حاضر الأمة، وتضاف إليها قداسة العبادة بعد الموت، فيمتزج الحاضر والغابر عمرا للأمة بأسرها، ولا يزال الحديث جزءا يضاف كل عصر إلى القديم، فلا يخطر على البال أن القديم متروك من أجل هذا، بل هو الذخيرة الباقية التي ترجع إليها خير الذخائر في الزمن الحديث.
ومن هنا يبلغ تقديس الآباء عندهم حدا لا يعرف له نظير في أمة أخرى، ومن دلائل البر بالآباء في ديانتهم أن يقذف الابن بنفسه من أعلى الأكمة المقدسة فدية لأبيه إذا مرض هذا وتعذر شفاؤه، كأن القدر يتقاضاهم روحا فيهب الابن روحه بدلا من روح أبيه.
Unknown page