============================================================
فلما شرع ذلك المرزبان فى الحشد و ياعداد كتب عيون الأركن بتلك الجهة اليه يخبرونه بأن المرزبان المجاور لجب بلاده قد أخذ فى حشد الأجناد وتأهب الاستعداد، فعلم الأركن أنه قاصده، ونجم النفاق ببلده ، وتحث الناس بقصد المرزبان إليه واكثروا الأراجيف(1) فانتبه الأركن من غفلته ، وبحث عن الأمر فوقف على حقيقته، وكان آمر مملكته يدور على خمسة رجال، آربعة منهم هم وزراؤه، والخامس هو صاحب بيوت النار ورنيس الزمازمة(1) والذى ياختون عنه دينهم . فجمعهم الأركن وعرفهم بما بلغه من فساد قلوب رعيته، ال وحشد المرزبان لقصد بلاده، وأظهر لهم الحاجة الى كفايتهم . فجلسوا يتاظرون فى ابتغاء صواب الرأى.
فقال أحد الوزراء الأربعة : الرأى أن يستصلح الملك رعيته ، فيملا أيديها رغبات وقلوبها أملا، حتى يستقيم معوجها، ويأنس نافرها، فان عدونا إذا علم بذلك جبن عن الإقدام عليها، وان اقدم لقيناه بكلمة مجتمعة وأيد متتاصرة .
فقال رنيس الزمازمة : إنما يصلح هذا من الرعية ، لو كان فسادها أوجبه ضم جور او عسف سيرة؛ فيزال عنها سبب فسادها فتصلح، وليت رعية الملك بهذه الصفة، وإنما أورد عليها الفساد حلها بمواقع للصواب ، وبطرها لترادف النعم .
ال وقد قيل: أربعة إذا أفسدهم البطر لم تزدهم التكرمة إلا فسادا : الولد ، ال والزوجة والخادم ، والرعية . وضربوا لذلك مثلا : القوى الأربعة المرنولة(3) : اذا هاجت لتعدى حدود المصلحة وهى : الغضب اذا تعدى حد الشجاعة، وحد الأنفة من الرذائل، والشهوة إذا تعدت حد راحة العقل من كد اكتساب الفضائل ، ال والحرص إذا تعدى حد الكفاية، والكسل إذا تعدى راحة الجسم من كد اكتساب المصالح، فإن هذه القوى الأربع إذا تعدت هذه الحدود لم تزدها المداراة والرفق الا هيجانا وطغيانا ، واتما تعانى بحسع موادها .
فقال الملك : صدق الحكيم . ثم قال وزير آخر من الوزراء الأربعة : الرأى (1) الأراجيف : الأخبار المختلطة الكانبة السينة .
(2) أى أولو الأمر.
(2) الفاسدة الرديئة .
Page 87