al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
حصن بِالْقربِ من قَرْيَة الملحمة بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو ثمَّ ألف ثمَّ خفض الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ طاء مُهْملَة وَهُوَ لعرب يعْرفُونَ ببني مِسْكين بَيت رياسة متأثلة وَخرج مِنْهُم جمَاعَة من الْفُضَلَاء أعيانا وَإِلَى هَذَا الْحصن أَشَارَ الْفَقِيه الْمَذْكُور أَولا بقوله قد أنبت الله فِي شواحطنا فَلَمَّا الْتحق الهرمي بالمعتزلي فِي الْحصن وَقيل إِنَّه أدْركهُ بإب وراجعه بعض مُرَاجعَة فَعلم المعتزل أَن لَا طَاقَة لَهُ بِهِ قَالَ الرَّاوِي ذكر القَاضِي جَعْفَر عَنهُ فَجعل يتلمس ثمَّ يَأْمر للفقيه عَليّ بكفاية الْحَال وَأَن يعرض عَن مناظرته وَكَانَ قد تفقه بِبَلَدِهِ صنعاء ونواحيها ثمَّ ارتحل الْعرَاق فتفقه أَيْضا هُنَالك وَعَاد بَلَده وَكَانَ يَقُول ناظرت عُلَمَاء الْعرَاق وأقمت عَلَيْهِم الْحجَج حَتَّى رددت جمَاعَة مِنْهُم عَن مذاهبهم وَيَقُول لأهل مذْهبه لَو نزلت الْيمن لرددت أَهله إِلَى مَذْهَب الاعتزال ثمَّ بعد ذَلِك نزل الْيمن عَازِمًا على مناظرة فقهائه فَلَمَّا صَار بإب وَاجْتمعَ بِالْإِمَامِ سيف السّنة ناظره فَقَطعه وَأسْقط حجَّته وَقيل لَهُ لَو نزلت عَن النقيل إِلَى ذِي أشرق للقيت بحرا تغرق فِيهِ وأمثالك يعنون يحيى بن أبي الْخَيْر فَلم يطق الْخُرُوج عَن إب وهم أهل السّنة بِهِ يضربونه فَخرج هَارِبا وَلحق بالحصن الْمَذْكُور فَلَمَّا اجْتمع بالفقيه عَليّ فِيهِ قَالَ الْفَقِيه عَليّ وَلما علم مَا أَنا عَلَيْهِ من الْقُدْرَة على مناظرته كَانَ يَأْمر لي بكفاية الْحَال وَأَن لَا أتعرض لمناظرته وَأَنا إِذْ ذَاك أود مناظرته لَكِن يَمْنعنِي عَنْهَا عدم الْحَاكِم برد الظَّالِم والمميز بَين الْقَائِم والنايم والمكلوم والسالم ثمَّ لما صَار بشواحط وَعلمت أَن صَاحبه متصف بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدّمَة لحقته من إب إِلَيْهِ فَوجدت المعتزلي قد كَاد يستميل الشَّيْخ صَاحبه وَأَهله وَجعل يدرس أَصْحَابه يحضرهم وَيَقُول لَوْلَا أَنِّي عَارِف لم أدرس مذهبي بِغَيْر بلدي مَعَ غير أهل مذهبي وَيَقُول لَهُم إِنِّي لم أرد نزُول الْيمن الْأَسْفَل وَلَو نزلته لم يتَأَخَّر عَن إجَابَتِي أحد فيتوهمون صدقه فَلَمَّا قدمت ارتاب من قدومي وتبلبل قلبه لما كَانَ قد أحسه مني بإب وَلما علم أنني إِنَّمَا لحقته لغَرَض المناظرة قوي عزمه وَقَالَ هَذَا رجل تهامي عَاجز عَن المناظرة فِي الْأُصُول لَا سِيمَا الدِّينِيَّة فَقلت لصَاحب الْحصن هَذَا رجل قد أرجف عَلَيْكُم بِالْبَاطِلِ وَجعله بالهذيان بِصُورَة الْحق قَالَ الشَّيْخ فَمَا الَّذِي تطلب قَالَ تجمع بَيْننَا ونتناظر بَين يَديك فَمن وجدته خرج عَن الْقَاعِدَة الَّتِي قعدناها كنت الْحَاكِم عَلَيْهِ بالإبطال فَأَجَابَنِي إِلَى ذَلِك وجمعنا عِنْده بِحُضُور أَصْحَابه وَجَمَاعَة أَهله وحشمه واستفتحنا المناظرة فِي خلق الْأَعْمَال وَأَن الله يَقُول ﴿وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ وَحين استفتحت المناظرة مِنْهُ سوء أدب فَقلت مَالك وَلِهَذَا الْكَلَام الَّذِي لَا يجمل وَلَا يَلِيق بِأَهْل الْعلم والمنتسبين إِلَيْهِ وَالْفُقَهَاء يَقُولُونَ سفه أحد الْخَصْمَيْنِ دَلِيل على قلَّة علمه وَضعف مَعْرفَته فَقَالَ لي سامحني
1 / 346