al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
فِي قرى الْجند وَله احْتِرَاز الْمُهَذّب يشهر بِهِ وَكَانَ لَهُ ابْن فَقِيه اسْمه حسن
وَمِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عرف بالأحنف لحنف كَانَ بِهِ مَسْكَنه قَرْيَة الصو من عزلة اللامية بوادي سِهَام مولده سنة تسع وَخَمْسمِائة وتفقه بالهرمي مقدم الذّكر وبالطويري أَيْضا وَكَانَ بَينه وَبَين مؤلف الْبَيَان مكاتبات فِيمَا يشكل عَلَيْهِمَا من الْفِقْه وَلما قَرَأَ على السهامي كتاب الْوَسِيط كَانَ السهامي يَقُول لَا أَدْرِي أَيّنَا انْتفع بِصَاحِبِهِ وَلما وضع شَيْخه الهرمي فِي السؤالات المشكلة فِي الْمُهَذّب وَلم يجب عَلَيْهَا أجَاب هُوَ عَلَيْهَا وسماها كتاب ثَمَرَة الْمُهَذّب وَكَانَ فَقِيها جليل الْقدر مَقْصُودا للزيارة ذكرُوا أَن الشَّيْخ أَبَا الْغَيْث ابْن جميل الصُّوفِي مر بقريته الْمَذْكُورَة فَلبث مَعَه بعض اللّبْث ثمَّ ودعه فَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض الطّلبَة بَاب صفة الصَّلَاة فَلَمَّا بلغ قَول الشَّيْخ فِي دُعَاء الاستفتاح حَنِيفا مُسلما قَالَ الْفَقِيه مَا معنى الحنيف فَقَالَ اتبع الشَّيْخ واسأله عَن ذَلِك وَكَانَ عَاده فَارقه فَتَبِعَهُ وَقَالَ يَا شيخ الْفَقِيه يسلم عَلَيْك وَيَقُول لَك مَا معنى الحنيف فِي استفتاح الصَّلَاة فَقَالَ هُوَ المائل عَن كل دين إِلَى دين الْإِسْلَام ثمَّ لما عَاد إِلَى الْفَقِيه وَأخْبرهُ كبر وَقَالَ لقد أُوتِيَ هَذَا الرجل أمرا عَظِيما وَتُوفِّي وَخلف ثَلَاثَة بَنِينَ أحدهم أَبُو بكر ذكره ابْن سَمُرَة وَكَانَ يترشح للْفَتْوَى ويتصدر للسؤال فِي أَيَّام أَبِيه والآخران أَخْبرنِي بهما بعض الخبراء وهما إِسْمَاعِيل وَعبد الله رَأْسا فِي الْفِقْه ودرسا فِيهِ وَلم أتحقق لأحد مِنْهُم تأريخا وَلَعَلَّ الله يَسُوقهُ
ثمَّ قد عرض لي مَعَ ذكره رجل من أَعْيَان الْأَعْيَان وأفراد الزَّمَان فَيَنْبَغِي أَن نذْكر من أَحْوَاله بعض مَا صَحَّ ونورد من أَقْوَاله مَا نستدل بِهِ على فَضله فَهُوَ أَبُو الْغَيْث بن جميل الملقب شمس الشموس وَهَذَا لقب عَليّ ملقب بِاسْتِحْقَاق وَكَانَ فِي بدايته يقطع الطَّرِيق فَذكرُوا أَن سَبَب تَوْبَته أَنه صعد شَجَرَة يُرِيد أَن ينظر إِلَى السّفر إِذا أقبل فَبينا هُوَ بِأَعْلَى الشَّجَرَة يتَأَمَّل الطَّرِيق إِذْ سمع قَائِلا يَقُول يَا صَاحب الْعين عَلَيْك عين فَكَأَنَّمَا وقر ذَلِك فِي قلبه فَنزل عَن الشَّجَرَة مستكين الْقلب وَنَفسه تنازعه فِي الْإِنَابَة فَلم يجد لذَلِك طَرِيقا غير الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن عبد الْملك بن أَفْلح بزبيد فوصله وَعرض أمره عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ الْيَد فَأخذ عَلَيْهِ وألزمه الْخدمَة للزاوية فَأَقَامَ يخدمها بالحطب وَالْمَاء وَفِي بَيت الْخَلَاء دهرا ثمَّ كَانَ الشَّيْخ يتَبَيَّن مِنْهُ
1 / 332