267

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

نلْت مَا لم ينل سواك ثمَّ قلت لَهُ من أَيْن جَاءَ فِي هَذِه اللَّيْلَة قَالَ أَخْبرنِي أَنه جَاءَ من عِنْد الْفَقِيه الزَّاهِد عمر بن إِسْمَاعِيل من ذِي السفال وَذكر أَنه أمْلى عَلَيْهِ من الْمُهَذّب من بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة قَالَ مُؤَلفه عَفا الله عَنهُ وَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكرته عِنْد ذكر الْفَقِيه عمر فِيمَا تقدم وَأَنه كَانَ يصحب الْخضر ويملي عَلَيْهِ شَيْئا من الْمُهَذّب فِي أثْنَاء نسخه لَهُ قَالَ المقرىء الصدائي وَكَانَ مُعظم رغبتي بالاجتماع بالخضر لأسأله عَن صِحَة المعتقد الَّذِي أَنا عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنِّي كنت قَرَأت التَّبْصِرَة رِوَايَة الزنجاني عَن عبد الْوَاحِد الشِّيرَازِيّ وَكتاب الشَّرِيعَة للآجري واعتقدت مَا فيهمَا ثمَّ كَانَ قد تطرقني تشويش فيهمَا من بعض الْمُخَالفين فَلَمَّا رَأَيْت مَا رَأَيْت فِي الْمَنَام تثبت فِي معتقدي وَعلمت أَنه الْحق قَالَ الْفَقِيه الصَّالح سُفْيَان نفع الله بِهِ كَانَ هَذَا المقرىء رجلا فَاضلا بالقراءات وَالْفِقْه والنحو وَقد أَخْبرنِي أَنه مُنْذُ رأى فِي الْمَنَام كَانَ كثير المجانبة لمن يتهم باعتقاد خلاف مُعْتَقد الْكِتَابَيْنِ الْمَذْكُورين وَلَا يُمَيّز كَبِيرا وَلَا ذَا جاه لذَلِك وَلما هرب أهل زبيد خوفًا من ابْن مهْدي إِلَى عدن وسواها كَانَ من جملَة من وصل عدن الْفَقِيه حُسَيْن المقيبعي فوصل مرّة إِلَى بَاب المقرىء وَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَلم يَأْذَن لَهُ وَعَاد خائبا فَقيل للمقرىء مَا كَانَ يَنْبَغِي رد هَذَا الْفَقِيه من بابك فَلم يجب قَائِل ذَلِك فألح عَلَيْهِ جمَاعَة من خواصه بالسؤال عَن سَبَب رده وَرُبمَا أَقْسمُوا عَلَيْهِ ليخبرهم عَن ذَلِك فَقَالَ إِنِّي لما فرغت من كتاب التَّبْصِرَة قِرَاءَة متقنة ثمَّ قَرَأت بعده كتاب الشَّرِيعَة للآجري ومعتقدهما وَاحِد وتقرر عِنْدِي معتقدهما وَصِحَّته سَافَرت لِلْحَجِّ فرافقني فَقِيه من أهل تهَامَة وعادلني فِي محمل من السّير فَجعلنَا نتذاكر الْعلم وأنست نَفسِي إِلَيْهِ ثمَّ إِنَّا خضنا يَوْمًا فِي المعقتد فَمَا زَالَ بِي ذَلِك الْفَقِيه اللعين حَتَّى أفسد عَليّ مَا ثَبت عِنْدِي من المعتقد فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْل ونمت رَأَيْت كَأَنِّي بواد مظلم وَبِه ملك رِجْلَاهُ بتخوم الأَرْض وَرَأسه فِي السَّمَاء وَهُوَ يَصِيح يَا معشر القرود يَا معشر القرود فَأقبل إِلَيْهِ قرود كَثِيرَة فَقَالَ لَهُم صكوا وَجه هَذَا المقرىء وَدبره وَقُولُوا يَا مُرْتَد يَا مُرْتَد فَجعلُوا يضْربُونَ وَجْهي ودبري كَمَا أَمرهم وَيَقُولُونَ مَا قَالَ لَهُم حَتَّى وجدت لضربهم ألما عَظِيما كَمَا لَو كَانَ باليقظة وَلم أنتبه حَتَّى تورم وَجْهي وَانْتَفَخَتْ عَيْنَايَ وَفِي يَدي جروح كَثِيرَة من أَيدي القردة فَعلمت أَن ذَلِك بِتَغَيُّر معتقدي إِذْ لم أحدث شَيْئا غَيره فَلَمَّا أَصبَحت أخذت هدادي واعتزلت عَن معادلي وعزمت على معاودة معتقدي فَلَمَّا نمت اللَّيْلَة الثَّانِيَة رَأَيْت ذَلِك الْملك بِعَيْنِه يَقُول يَا مقرىء اسْتَأْنف الْعَمَل فَإِن الله قد أحبط عَمَلك الْمَاضِي بِمَا حل فِي باطنك من رِوَايَة ذَلِك الملحد وَقبُول كَلَامه واستحسانه فنسأل الله الْعِصْمَة من عقيدة تخَالف العقيدة الَّتِي

1 / 325