213

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

وَلما استولى الصليحي على ريمة المناخي وطرد أَهله عَنهُ خرج صَاحبه عَمْرو الْأَشْعَرِيّ من الْيمن وَلحق بِبَغْدَاد وَأدْركَ بهَا الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق فصحبه وأحبه وَوَافَقَ ذَلِك وَفَاة خَليفَة وقتهم وافتقر النَّاس إِلَى قيام خَليفَة آخر فاتفقوا على أَن الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق هُوَ الَّذِي يتَوَلَّى العقد للخليفة وَذَلِكَ سنة سبع وَسِتِّينَ وأربعمئة أَظُنهُ الْمُقْتَدِي على مَا أَظُنهُ ظَاهر بِرِوَايَة ابْن سَمُرَة عَنهُ فَلَمَّا رَضِي الْعلمَاء وأفاضل النَّاس بالشيخ أبي إِسْحَاق وَقد صعد الْمُخْتَار من بني الْعَبَّاس ذرْوَة الْمِنْبَر ووقف ينْتَظر صعُود الشَّيْخ إِلَيْهِ فَلَمَّا صَار بالمنبر سقط فَابْتَدَرَهُ الْخَلِيفَة وَالْعُلَمَاء وَكَانَ الْخَلِيفَة ضليعا فسبقهم إِلَيْهِ وأقامه وأصعده إِلَى رَأس الْمِنْبَر فَلَمَّا اسْتَوَى على رَأسه حمد لله وَصلى على النَّبِي ﷺ وَعقد الْخلَافَة فَلَمَّا فرغ قَالَ لَهُ الْخَلِيفَة هَل من حَاجَة قَالَ نعم أَخْبرنِي فلَان عَن فلَان مُسْندًا إِلَى النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ مَا من خَليفَة إِلَّا وَله دَعْوَة مجابة وَأُرِيد أَن تَدْعُو لي فَدَعَا لَهُ من فوره وَأمن الْحَاضِرُونَ وَلِهَذَا عَمْرو الْأَشْعَرِيّ المناخي فِي الشَّيْخ أبي إِسْحَاق مدائح مِنْهَا قَوْله فِي بَعْضهَا ... وَلَقَد رضيت عَن زمَان وَإِن رمى ... قومِي بخطب ضعضع الأركانا لما أَرَانِي طلعة الحبر الَّذِي ... أَحْيَا الْإِلَه بِعِلْمِهِ الأديانا أزكى الورى دينا وَأكْرم شِيمَة ... وأمد فِي طلق الْعُلُوم عنانا وَأَقل فِي الدُّنْيَا البصيرة رَغْبَة ... ولطالما قد أضنت الرهبانا صدق الرَّسُول الطُّهْر فِي إطرائه ... أَبنَاء فَارس جهرة إعلانا فِي كل عصر مِنْهُم علم بِهِ ... يُبْدِي الْإِلَه الرشد والتبيانا مِنْهُم أَبُو إِسْحَاق مِصْبَاح الْهدى ... وشهاب نور كاشف الأدجانا لله إِبْرَاهِيم أَي مُحَقّق ... صلت إِذْ رب البصيرة لانا فتخاله من زهده ومخافة ... لله قد نظر الْمعَاد عيَانًا ... وَإِنَّمَا ذكرت الأبيات لِأَن ابْن سَمُرَة ذكرهَا وَلِأَن قَائِلهَا من أَعْيَان الْيمن وملوكهم وَلما كَانَ كَمَال تفقهه بِالْقَاضِي أبي الطّيب اتجه أَيْضا بَيَان اللَّائِق من أَحْوَاله إِذْ هُوَ شيخ أهل الطَّبَقَة الْمُتَأَخِّرَة من أهل الْيمن وَقد قدمنَا بَيَان ذَلِك

1 / 271