Sultan Muhammad Fatih
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Genres
فكان السلطان إذن حريصا على رضاء الله وعلى استرضاء الرأي العام.
وكان الأتراك محبين لسلاطينهم مخلصين لهم متعلقين بهم إلى درجة التقديس أحيانا، فلم يفكر الأتراك لمدة سبعة قرون في تحويل السلطنة عن آل عثمان إلى عائلة أخرى.
وكان السلطان يعين في إدارة الدولة الوزراء، وهم على عهد السلطان الفاتح أربعة، رئيسهم الصدر الأعظم، ويليهم رجال الشرع وهم يعاونون السلطان في الأمور الدينية والقضاء.
وبجانب السلطان مجلس الدولة وهو ديوان مكون من الوزراء والقضاة وموظفي المالية الكبار، ورياسة هذا المجلس للصدر الأعظم في حالة غياب السلطان.
أما من حيث الإدارة فالسلطنة مقسمة إلى ولايات على كل منها بك.
وأذن للهيئة التنفيذية أن ينتمي أعضاؤها كلهم باستثناء السلطان إلى أصل غير تركي وغير إسلامي، إلى أصل مسيحي صرف. تكونت الهيئة التنفيذية من أولاد وشبان نشئوا في أحضان المسيحية وتربوا في أوساط مسيحية بحتة من آباء مسيحيين خلص، أخذ هؤلاء الأولاد والشبان من ديارهم الأصلية كرقيق للسلطان، ودخلوا في خدمته ليعيشوا في ظله وكنفه وتحت رعايته.
لقد أخذ الأتراك العثمانيون أولاد الفلاحين من وراء المحراث وأبناء رعاة الغنم والخنازير ليجعلوا منهم جنودا وسادة، قوادا وحكاما ووزراء، أخذوا أولاد المسيحيين ليجعلوا منهم قوادا للإسلام وزعماء، همهم الوحيد وغاية حياتهم نصرة الهلال والدين الإسلامي وخدمة أكبر دولة إسلامية والقضاء على أعداء الإسلام.
فالنظام العثماني كان يفصل بين هؤلاء الأبناء وبين آبائهم وبيئتهم الأصلية إلى الأبد، فكم من قلب جريح ونفس مكلومة وحزن طويل حين يغادر هؤلاء الشبان أوطانهم وآباءهم وأمهاتهم! سيذهب هؤلاء الأبناء إلى مكان غير معروف، حيث يربون على غير ما عهد الآباء والأجداد.
ومع ذلك فلم يكن أخذ هؤلاء الأولاد شرا لا يمتزج به الخير، فلقد كانت سلوى الآباء والأمهات أن هؤلاء الأبناء سيفارقون فراقا نهائيا حياة الفقر والضنك والبؤس التي عاشوها هم، سيكون لهم مستقبل كبير ومجد عريض وعيش رخي، فلقد كان الكثير من هؤلاء الأبناء إذا وصل إلى مركز كبير يذكر أهله بالخير، ويعاملهم في الدنيا معروفا لا يبتغي منهم جزاء ولا شكورا.
كان العثمانيون يختارون هؤلاء الأولاد والشبان من سن الحادية عشرة إلى سن العشرين، ولم يكونوا يختارونهم حسب أسمائهم أو جنسهم أو عائلاتهم أو أحسابهم، وإنما نظروا إلى وجوههم وقوة أجسامهم وبراعة عقولهم، وقالوا لهم ستكونون جنودا لهذه الدولة التي اختارتكم، وإذا أسلمتم وأثبتم كفاية جسمية أو عقلية فستكونون قوادا لها وزعماء، وإذا أقمتم الدليل على كفاية عقلية ورغبة في الثقافة صرتم علماءها وحكامها ووزراءها. ثم يأخذون هؤلاء الأولاد والشبان ويعملون على تربيتهم في طاعة قانون وتدريب واحد، وفي ظل دين واحد هو الدين الإسلامي الحنيف.
Unknown page