منظمة المؤتمر الإسلامي
مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإستانبول
سلم الوصول إلى طبقات الفحول
تأليف
العلامة المؤرخ مصطفى بن عبد الله القسطنطيني العثماني
المعروف بـ «كاتب جلبي وبحاجي خليفة»
(١٠١٧ هـ - ١٠٦٧ هـ = ١٦٠٩ م - ١٦٥٧ م)
إشراف وتقديم: أكمل الدين إحسان أوغلي
تحقيق: محمود عبد القادر الأرناؤوط
تدقيق: صالح سعداوي صالح
إعداد الفهارس: صلاح الدين أويغور
[المجلد الأول]
Unknown page
منظمة المؤتمر الإسلامي
مَرْكَز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإستانبول
سلسلة كتب التراجم والطبقات: ١
ISBN
المجلد الأول: ٨ - ٢١٠ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
المجلد الثَّانِي: ٥ - ٢١١ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
المجلد الثَّالِث: ٢ - ٢١٢ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
المجلد الرَّابِع: ٩ - ٢١٣ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
المجلد الْخَامِس: ٦ - ٢١٤ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
المجلد السَّادِس: ٣ - ٢١٥ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
الْمَجْمُوعَة: ٠ - ٢١٦ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨
إرسيكا ٢٠١٠ ©
العنوان
Barbaros Bulvari، Yildiz Seyir، Kosku
Besiktas، Istanbul/ Turkiye، ٣٤٣٤٩
Tel: + (٩٠٢١٢) ٢٥٩١٧٤٢ - Fax: + (٩٠٢١٢) ٢٥٨٤٣٦٥
e-posta: [email protected]
www.ircica.org
تنضيد وتنظيم الصفحات: صَلَاح الدّين أويغور
الطباعة والتجليد
EUROMAT
ENTEGRE MATBAACILIK A. S.، Istanbul - TUrkiye
www.euromat.com.tr
تَحت إشراف
شركَة يلدز للنشر والإعلام ش. م.
www.yildizprint.com
فهرسة وتصنيف مكتبة إرسيكا
كَاتب جلبي، مصطفى بن عبد الله حاجي خَليفَة، ١٦٠٩ م - ١٦٥٧ م
سلم الْوُصُول إِلَى طَبَقَات الفحول/ مصطفى بن عبد الله القسطنطيني العثماني الْمَعْرُوف بكاتب جلبي وبحاجي خَليفَة؛ إشراف وَتَقْدِيم: أكمل الدّين إِحْسَان أوغلي؛ تَحْقِيق: مَحْمُود عبد الْقَادِر الأرناؤوط؛ تدقيق: صَالح سعداوي صَالح.
إستانبول: مَرْكَز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، ٢٠١٠ م.
سِتَّة مجلدات، ٢٩ سم - (سلسلة كتب التراجم والطبقات، ١)
العنوان بالإنجليزية: ...
يشْتَمل على هوامش ببليوغرافية وكشافات.
قَائِمَة المصادر: ج ٣ / ص: ٤٤٩ - ٤٧٢، ج ٥/ ص: ٤٨١ - ٤٨٨.
النَّص بِالْعَرَبِيَّةِ، الْمدْخل بالإنجليزية.
الترقيم الدولي: ٠ - ٢١٦ - ٩٠٦٣ - ٩٢ - ٩٧٨ (الْمَجْمُوعَة)
١ - الْعلمَاء، الْمُسلمُونَ - تراجم.
٢ - الْبلدَانِ الإسلامية - تراجم.
أ - إِحْسَان أوغلي، أكمل الدّين، ١٩٤٣.
ب - الأرناؤوط، مَحْمُود عبد الْقَادِر.
ت - صَالح سعداوي.
ث - صَالح.
جـ - العنوان.
حـ - السلسلة.
٩٢٠.٠٠٩١٧٦٧١ - ddc ٢٢
مقدمة / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة / 3
صدر هَذَا الْكتاب
فِي إطار إعلان اليونسكو عَام ٢٠٠٩ م عَاما للاحتفال بالذكرى الأربعمائة على مولد كَاتب جلبي
مقدمة / 4
تقديم
الدكتور خالد أرن
مدير عام إرسيكا
كان من مجالات النشاط الأساسية التي عُني بها مركزُ الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أعمال فهرسة المخطوطات المتعلقة بتاريخ الإسلام وثقافته، ثم العمل على حماية تلك المخطوطات ونشرها والتعريف بها.
ونشعر اليوم بامتنان عظيم ونحن نقدم للقراء والباحثين نسخةً محققة من كتاب "سلم الوصول"، هذا العمل المهم الذي وَضَعَه في تراجم الأعلام كاتب جلبي (ت ١٦٥٧ م)، ذلك العالم العثماني الكبير، صاحبُ كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" الذى عاش في القرن السابع عشر الميلادي.
ويبرز أمامنا مجالُ التراجم (الطبقات والوفيات) واحدًا من أكثر المجالات ثراءً في الأدبيات الإسلامية. فقد وَضَعَ المؤرخون المسلمون مئات الكتب في التراجم بشتى فروعها. وقِسْمٌ من تلك المؤلفات يضم تراجم لعلماء ينتسبون لمذهب معين أو يعملون في فرع معين من فروع العلم، بينما يتناول قسم آخر سير الأعلام البارزين خلال عصر معين من رجال الدولة والقادة والحكام والعلماء وأرباب الصنائع والأدباء والشيوخ وغيرهم. ويأتي هذا النوع من التراجم العامة مرتبًا في الغالب بحسب الترتيب الألفبائي، وأبرز الأمثلة فيه: وَفَيَات الأعيان لابن خلكان (ت ١٢٨٢ م)، والوافي بالوفيات للصفدي (ت ١٣٦٣ م). وبالإضافة إلى ذلك هناك كتب تاريخ الإسلام العام أو كتب التاريخ الخاصة بمنطقة معينة (الحوليات)، والتي تتناول الحديث عن أحداث العام ثم تعقبه بالحديث عن حياة بعض المتوفين من المشهورين في ذلك العام. وقد جرى العثمانيون على ذلك التقليد في الحضارة الإسلامية، وكان كتاب "الشقائق النعمانية" الذي وضعه بالعربية طاشكوبري زاده أحمد بن مصطفى باكورة كتب التراجم العامة عند العثمانيين. وهو كتاب قُسِّمَتْ فيه التراجم إلى أدوار بحسب السلاطين
مقدمة / 5
العثمانيين، ولم يتحدث فيه المؤلف إلّا عن حياة الأعلام العثمانيين الذين عاشوا حتى عصره.
ويأتي كاتب جلبي على رأس أهم الشخصيات التي ألفت في مجال التراجم العامة، وهو على الرغم من وفاته في سن مكبرة إلّا أنه نجح في كتابة العديد من الكتب القيمة، وكان من أهمها وأكبرها كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" في التعريف بالكتب وموضوعات العلوم، وكتاب "سلم الوصول إلى طبقات الفحول" في التراجم، ثم كتاب "فذلكة" في تاريخ الإسلام العام، وكتاب "جهاننما" أي مظهر العالم في الجغرافيا. وقد طبع الكتابان الأول والأخير أكثر من مرة، أما "سلم الوصول" الذي لا يقل أهمية عن هذين الكتابين المنشورين، وكذلك "فذلكة" فلم يستطع أحد التصدي لنشرهما حتى الآن.
وإدراكًا لذلك الأمر بادر مديرنا العام الأسبق والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى باتخاذ القرار لتحقيق ونشر ذلك الكتاب تحت إشرافه. وعندئذٍ تم الحصول على مسودة المؤلف المحفوظة في مكتبة السليمانية (قسم الشهيد علي باشا، رقم ١٨٨٧) في إستانبول، وعلى النسخة المنسوخة من المجلد الأول الذي بيّضه كاتب جلبي والمحفوظة في دار الكتب المصرية (مصطفى فاضل، تاريخ رقم ٥٢) بالقاهرة. ثم جرى الاتفاق مع المحقق المعروف الأستاذ محمود الأرناؤوط على انجاز عملية التحقيق، فبدأت في سنة ١٩٩٨ م. وقام الأستاذ الفاضل بقراءة النص رغم صعوبتها والمقارنة بين المخطوطتين وتحديد الفروق الموجودة بينهما حتى ظهر النص الأساسي للكتاب مدعمًا بالتعليقات والشروح اللازمة للتراجم. وبعد عملٍ مشترك وطويل من المراجعة والتدقيق وإضافة بعض الملاحظات واستكمال بعض المداخل ووضع الفهارس خرج الكتاب بصورته الجاهزة للطباعة، وها نحن نقدمه اليوم لقرائنا الأعزاء. وكما تم في أثناء الإعداد مقارنة النسختين المذكورتين فقد جرى أيضًا استكمال بعض المداخل الناقصة في المسودة بعد الرجوع لبعض المصادر وعلى رأسها كتاب "فذلكة" للمؤلف، ثم أضيفت إليها الملحوظات الببليوغرافية اللازمة.
والجدير بالذكر هنا أن "سلم الوصول" لكاتب جلبي هو أكبر الكتب التي ظهرت في التراجم العامة الإسلامية في تاريخ الأدبيات العثمانية. وقد تناول فيه المؤلف حياة رجال الدولة البارزين في تاريخ الإسلام، وحياة العلماء والشخصيات المهمة التي احتلت مكانتها في الأدبيات الإسلامية رغم أنها عاشت قبل ظهور الإسلام، ثم عن أعمال ومؤلفات هؤلاء، مع ترتيب كل ذلك في مداخل ألفبائية. كما قدم لنا في القسم الثاني من الكتاب (جـ ٤، ٥) معلومات في الأنساب والكنى والألقاب، وعَرّف بعض الأماكن والفرق والمذاهب المختلفة.
مقدمة / 6
وحرص المؤلف وهو يُعِدُّ كتابه على الحديث في المقدمة عن المنهج الذي جرى عليه مع تقديم شروح حول علم التاريخ وبعض الأنساب. أما الخاتمة فهي تضم معلومات إضافية مكملة للمعلومات الموجودة في نص الكتاب، ومن هنا فهو ليس مقصورًا على التراجم وحدها، وإنما يعد أيضًا واحدًا من كتب الأنساب.
وقد جاء هذا الكتاب بصورته المحققة والمدققة نتيجة جهود مشتركة ساهم فيها عدد كبير من المتخصصين والباحثين تحت إشراف البروفيسور إحسان أوغلي. وبهذه المناسبة يسعدني أن أتوجه بالشكر الجزيل أولًا إلى معالي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى على الجهد المشكور الذي بذله في الإشراف على هذا الكتاب وإصداره، وإلى المحقق المعروف الأستاذ محمود الأرناؤوط، ثم إلى كل من الزميلين العزيزين الأستاذ الدكتور رمضان ششن والدكتور هدايت نوح أوغلى على جهودهما الطيبة خلال مراحل إخراج الكتاب، ثم إلى الزميل العزيز الدكتور صالح سعداوي، وإلى أخي صلاح الدين أويغور صاحب الجهد الكبير في هذا الكتاب.
مقدمة / 7
كاتب جلبي أو حاجي خليفة حياته ومؤلفاته *
١٠١٧ - ١٠٦٨ هـ / ١٦٠٩ - ١٦٥٧ م
كاتب جلبي أو حاجي خليفة، كما يُعرف بلقبيه المختلفين، هو واحد من أبرز علماء المسلمين في القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي. وهو -كما يتضح من ترجمته التي تضمنتها هذه المقدمة- رجل صَرَفَ همّته وقضى عمره في تحصيل العلم ونشره. بدأ يطلب العلم منذ نعومة أظفاره، وظل يشتغل به طيلة حياته في الحضر والسفر، وفي الحرب والسلم، حتى وَافته المنية وهو منكب على الكتب.
وهو أنموذج واضح لشخصية المثقف العثماني التركي الذى بدأ حياته العلمية بتعلم القرآن الكريم، وتحصيل علوم العربية، والتخصص في علوم الدين، والتمرّس بالعلوم الرياضية والطبيعية، مع إتقان للغة الفارسية وأدبها إلى جانب إتقانه للغة العربية. وقد ألف -كعادة العلماء العثمانيين الأتراك ومن سار على نهجهم من مثقفي الدولة العثمانية غير الناطقين بالعربية- باللغتين العربية والتركية في آن معًا. كذلك فإن الأسلوب المسجع الذي هو القاسم المشترك في كافة النصوص النثرية الكلاسيكية التي كتبت في القرنين السادس عشر والسابع عشر لا نجده في أعماله إلّا في القليل النادر، ولكي نعثر عليها لا بد لنا من تقليب عدة صفحات. فهو لا يعبأ بتزويق أفكاره ومباحثه الجدلية، ولا يعنى باستخدام التعابير والألفاظ الغريبة، أي أنه لا يتعسف في اختلاق الألفاظ والتراكيب، وإنما يميل إلى الكتابة بأسلوب واضح مختصر، ونادرًا ما يستخدم الجناس والتشبيه في الجملة.
وإن المؤلفات العديدة التي خَلّفها لنا كاتب جلبي، والتي سوف نأتي على ذكرها باختصار، تنم عن معرفة موسوعية، وعن عمق في تمثل التراث الحضاري الإسلامي. ولاشك أن كتابه "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" - الذي صار مرجعًا أساسيًا لا غنى عنه لدارسي الحضارة الإسلامية عنه- وإحاطته بالتراث الحضاري الإسلامي هو خير دليل على
_________
* لقد رأينا أن نضع هنا هذه المقدمة العربية عن حياة كاتب جلبي وأعماله حتى يتعرف القارئ العربي عليه، وهي في جلها مأخوذة من كتاب المرحوم الأستاذ أورخان شائق كوكياي المذكور فيما يلي.
مقدمة / 9
موسوعية كاتب جلبي، وربما لا يعدله في هذه الشمولية بين مؤلفاته إلا كتاب "سُلّم الوصول إلى طبقات الفحول" الذي نحن بصدد تحقيقه ونشره لأول مرة. كما تدلنا كتبه التي ضمّنها أفكاره في ذلك العصر، حول حاضر الدولة العثمانية، كما خَبَرَها من خلال عمله في الجهاز البيروقراطي في العاصمة إستانبول، أو عمله الإداري في الحملات العسكرية، على عقلية نقدية موضوعية، ونظرة تحليلية، وإن له من الآراء ما يعتبر شاهدًا حيًّا على الشعور القَلِق بين طبقة المثقفين العثمانيين من التحول في ميزان القوى الذي حصل بين الدولة العثمانية والقوى الأوربية في ذلك الحين، ومن بوادر الضعف والخلل الذي أصاب الدولة العثمانية، والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها.
أما البعد الثالث في شخصية كاتب جلبي- والذي نعتبره من أهم العناصر في تكوينه الفكري- فهو انفتاحه على الثقافة الأوربية، واهتمامه بها، وعمله الدؤوب على نقل بعض المؤلفات الأوربية من كتب التاريخ والجغرافيا، ومحاولاته في الاستفادة من المصادر الغربية في كتاباته. وهو بعمله هذا يعتبر من أوائل الرُّواد في الحضارة الإسلامية في عصره، ممن بادروا بالاتصال بالغرب، وحاولوا فهم السبل التي أدت إلى تقدمه، وبداية تفوق الأوربيين على العالم الإسلامي، الذي كانت تمثله آنذاك الدولة العثمانية. ولم يقتصر عمل كاتب جلبي على الترجمة أو النقل من اللغة اللاتينية إلى إحدى اللغتين العربية أو التركية، وإنما كانت له نظرات ومقارنات بين الحضارتين الإسلامية والأوربية، أوردها شذراتٍ متفرقات في العديد من مؤلفاته، مما يدل على إحساس مبكر منه بسبق الأوربيين للعثمانيين في مجال الثقافة.
ومن السمات المهمة التي جعلته يحوز مكانة متميزة هي همه في البحث عن الحقيقة، فهي ضالته التي انشغل بالعثور عليها، ثم شجاعته في عرض أفكاره والدفاع عنها، وشجاعته في التناول المحايد للموضوعات الخلافية والجدلية. ولعل ذلك هو الذي جعله يحظى بمكانة متميزة في الشرق والغرب، فتحدث الغربيون عنه وعن أعماله بالإعجاب الشديد، حتى وصفه أحد المستشرقين بأنه "السيوطي" التركي (١) وقد ترك على الكتاب العثمانيين أثرًا كبيرًا، مما حدا ببعضهم أن يقتفي أثره، ويسير على نهجه، فهناك شهري زاده في كتابه (نو بيدا)، ونعيما في تاريخه. ومع ذلك فإن قيمته العلمية الحقيقية لم تظهر في تركيا إلّا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وخاصة منذ كتب عنه عدد من الكتاب والمفكرين الأتراك بعض البحوث والمقالات ابتداءً من الرسائل المستقلة التي كتبها بورصه لي محمد طاهر بك، عن
_________
(١) F. Babinger، Ein turkischer Stiftungsbrief des Nerkesi ...، MOG،١/ ١٦٣، Wien ١٩٢٢
مقدمة / 10
حياته، ثم المقالات التي تركزت بوجه خاص حول نظراته العقلانية وأفكاره المتحررة التي جاء بها كتابه "ميزان الحق" (٢).
إن كتبه الأخرى في التاريخ والجغرافيا، وكتبه التي حملت آراءه حول الدولة والمجتمع والحياة العلمية والثقافية في أيامه جديرة بالتحقيق المنهجي، والدراسة العلمية المتأنية، والنظرة المتعمقة لمعرفة أدق للوضع الثقافي والمستوى الحضاري الذي كان عليه العالم الإسلامي في القرن السابع عشر (٣)، والذي لم يكن أبدًا مثلما زعم البعض منذ أواخر القرن التاسع عشر، وخلال القرن العشرين، قرنًا آخر من القرون المظلمة في تاريخ الإسلام، بل على العكس كان يزخر بالنشاط الفكري والعلمي، ويسود المثقفين فيه إحساس بضرورة مراجعة النفس والاتجاه إلى النقد الذاتي.
* * *
_________
(٢) انظر: بورصه لى محمد طاهر، كاتب جلبي، إستانبول قناعت مطبعه سى ١٣٣١ (١٩١٥) ٣٠ صحيفة ..................، مؤرخين عثمانيه دن عالى وكاتب جلبي نك ترجمه حاللرى، سلانيك ١٣٢٢ (١٩٠٦)، حميديه مكتب صنايع مطبعه سى، ٤٧ صحيفة. وانظر أيضًا:
Ali canip "katip celebi'de liberallik"، Hayat Mecmuasi ١٩٢٧، ١١١ say ٢٠،s.٤٦٢.
katip celebi" Yeni istanbul Gazetesi. ١٣ IV/١٩٥٠
وكتب أيضًا معلم جودت سلسلة من المقالات في مجلة Muallimler Mecmuasi في أعدادها:
٣٨ - ٣٩، ٤٠ - ٤١، ٤٢، ٤٣ - ٤٤، ٤٥،٤٧ - ٤٨ أما أكثر من كتب في تركيا حول كاتب جلبي وأعماله بالتفصيل فهو عدنان آديوار في كتابه: Osmanli Turklerinde Ilim، ISTANBUL ١٩٤٣ ثم كتب مقالة في جريدة الجمهورية (العدد ٦٨٧٨) تحت عنوان أي كاتب جلبي أول نافذة تفتح على الغرب.
(٣) لقد تعرضنا في دراسات سابقة لملاحظات كاتب جلبي حول الحياة التعليمية وتدريس العلوم العقلية في مدارس إستانبول، وبينا إلى أي مدى يمكن أخذ ما أورده بصورته الظاهرة دون مراجعة شمولية للموضوع قيد البحث.
مقدمة / 11
حياته:
إن الأساس في التعرف على حياة كاتب جلبي هو ما استمددناه من ترجمته هو لنفسه في نهاية كتابيه "سُلّم الوصول إلى طبقات الفحول" (٤) و"ميزان الحق في اختيار الأحق" (٥). ثم من المعلومات التي سردها في مواضع مختلفة من مؤلفاته كلما وجد لذلك مناسبة، ومن بعض الملاحظات والإشارات المقتضبة، وغير ذلك من الشوارد التي لا تُقَارَنُ بما جاء في كتابيه المذكورين. فعندما نضم هاتين الترجمتين إلى تلك الملاحظات والإشارات يمكننا الحصول على سيرته وحياته بشكل كاف، وهو ما فعله المرحوم الأستاذ أورخان شائق كوكياي في دراسته المطولة عن صاحب الترجمة (٦)، والتي اعتمدناها أساسًا لهذه المقدمة.
أصل اسمه مصطفى، واسم أبيه عبد الله، وهو يكتفي على غير العادة بذكر اسم والده فحسب، وكانت شهرته بين علماء المدينة باسم "كاتب جلبي"، وبين أهل الديوان باسم "حاجي خليفة" [وكلمة خليفة في المصطلح العثماني تعني آمر القلم ورئيسه] وهو حين يعرِّف بنفسه يقول إنه "حنفي المذهب إشراقي المشرب". وقد ولد -حسبما ذكرته والدته- في شهر ذي القعدة عام ١٠١٧ هـ (فبراير/ شباط ١٦٠٩ م) في مدينة إستانبول، حيث كانت دارهم أيضًا. وهو بحسب قوله: "قسطنطيني المولد والدار". وعمل والده في قسم الـ (أندرون) (٧) بالسراي العثماني، ثم "خرج" منه بوظيفة ملحقة بزمرة السلحدارية (٨)، وقنعت نفسه بتلك الوظيفة، فكان يشارك في الحروب والأسفار، وكان على دين وخلق، مواظبًا على مجالس العلماء والشيوخ، حتى إن ليله كان يقضيه في العبادة. ولما بلغ ابنه الخامسة أو السادسة من عمره اتخذ له معلمًا يعلمه القرآن وتجويده، هو الإمام عيسى خليفة القريمي، فتعلم على يديه قراءة القرآن والمقدمة الجزرية في التجويد، كما تعلم مبادئ الصلاة. ثم أسمعه بعد ذلك ما قرأه عليه وحفظه في دار القراء التي تعرف باسم مؤسسها مسيح باشا بإستانبول. وتعلم أيضًا
_________
(٤) مكتبة شهيد علي باشا، رقم ١٨٧٧/ ١٢٧ أ.
(٥) نشره أبو الضيا، إستانبول ١٣٠٦، ص ١٢٩ وما بعدها.
(٦) انظر: katip celebi hayan ve eserleri hakkinda incelemeler، ankara ١٩٩١، ٣ - ٩٠.
(٧) الاندرون: هو القسم الداخلي في السراي العثماني، وبمثابة المدرسة التي تقوم في إطار نظام محكم على تنشئة فئات مختلفة ممن سيعملون في وظائف الدولة.
(٨) السلحدارية: مجموعة من كبار الضباط الذين يحتفظون بأسلحة السلطان في القصر، ويحملونها له عند خروجه الى الحرب.
مقدمة / 12
على يدي زكريا علي إبراهيم أفندي، ونَفَس زاده مصطفى أفندي (ت ١١ ذو القعدة ١٠١١ ص) (٩)، واكتفى بحفظ نصف القرآن.
وقرأ بعد ذلك كتابي التصريف والعوامل على إلياس خوجه، وتعلم الخط على يدي
الخطاط أحمد جلبي الأحدب (بوكرى) (١٠). ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره بدأ والده يمنحه مصروفًا يوميًا قدره أربعة عشر درهمًا من راتبه، ثم اصطحبه إلى جانبه. وعلى هذا النحو انخرط للعمل مساعدًا (شاكرد) في "قلم محاسبة الأناضول" أحد أقلام الديوان الهمايوني (١١) (١٠٣٢ هـ / ١٦٢٢ - ١٦٢٣ م). وهناك تعلم مبادئ الحساب من أحد خلفاء القلم، وتعلم معها الأرقام وخط "السياقت" (١٢) فأجاده حتى تقدم على أستاذه، أي "الخليفة" نفسه. ولما غادر الجيش إستانبول عام ١٠٣٣ هـ / ١٦٢٣ - ٢٤) لإخماد ثورة أباظة باشا سافر مع والده ليشارك في حملة ترجان. وكان آنذاك في آلاي السلحدار. وفي الوقت الذي حمي فيه وطيس الحرب مع اباظة باشا بالقرب من قيسري في ٢٢ ذي القعدة ١٠٣٣ هـ (٧ سبتمبر/ أيلول ١٦٢٤ م)، سنحت له الفرصة من فوق ربوة عالية "أن يشهد بعينيه عن كثب أحوال تلك الحرب".
ويقول في كتابه (فذلكه) وهو يروي قصة المعركة تلك مجددًا بها الذكرى: "وكان الفقير [يقصد نفسه كعادة العلماء العثمانيين عند الحديث عن أنفسهم تواضعًا] واقفا في ذلك المحل، فرأيت الباشا المرحوم الصدر الأعظم (طباني ياصِّى محمد باشا) وقد وضع على رأسه خوذة محلاة بماء الذهب، ولا يزال صليل رمحه في أذني إلى الآن". وشارك كاتب جلبي في حملة العراق عام ١٠٣٥ هـ - (١٦٢٥ - ١٦٢٦ م)، وفي ١٢ رمضان من نفس العام (٧ يونية / حزيران ١٦٢٦ م) فتسلق برجًا عاليًا خلف جناح السلحدارية، وشاهد سير المعركة، وكانت طلقات المدافع من برج الأعاجم تمر من فوقه، رغم بعد المسافة (١٣). واستمر الحصار هناك تسعة أشهر، وشهد بعينيه كيف تكون ضراوة الحروب. ونتيجة لغلبة الخصم بسبب القحط انقطع الأمل وبدأت رحلة العودة، وعندها عانى من الضيق أعظمه مع الجميع. ولكنه راح يسلي نفسه متعللًا بأن البلية إذا عمت طابت.
_________
(٩) انظر: فذلكه ١/ ١٩٤ وما بعدها، وذيل الشقائق، ٤٥٨ وما بعدها، ومستقيم زاده، مجلة النصاب، مكتبة حالت أفندي، رقم ٦٢٨، ٤٢٦ أ.
(١٠) انظر: أحمد الأحدب في تحفة الخطاطين، نشر: تاريخ عثماني انجمنى، ص ٩٨.
(١١) الديوان الهمايوني: هو الهيئة التنفيذية العليا التي تتولى إدارة شؤون الدولة في شتى المجالات تحت رئاسة الصدر الأعظم.
(١٢) نوع من الخط لا يستخدم التنقيط، ويأخذ شكلًا رمزيًا لا يعرفه إلّا من تعاطوه. وقد استخدمه العثمانيون بوجه خاص في شئون الحسابات والمالية.
(١٣) فذلكه، ٢/ ٨٣ وما بعدها.
مقدمة / 13
وقد أوجز كاتب جلبي تصويره المؤلم لتلك العودة بقوله: "لم تكن المشقة التي عاناها عساكر الإسلام في هذا الطريق شيئًا حدث في التاريخ من قبل"، ولما بلغوا مدينة الموصل توفي والده في شهر ذي القعدة عام ١٠٣٥ هـ (أغسطس- سبتمبر ١٦٢٦ م)، ودفن هناك في مقبرة الجامع الكبير. ولم يمض شهر آخر حتى توفي عمه عند موضع (جَرّاحْلو) بالقرب من نصيبين. وعلى هذا رجع كاتب جلبي إلى ديار بكر مع أحد أقربائه، ومكث هناك مدة. وقام أحد زملاء والده ويدعى أحمد خليفة بتعيينه مساعدًا في "قلم مقابلة السواري". (١٤)
وفي عام ١٠٣٧ هـ (١٦٢٧ - ١٦٢٨ م) عاد إلى إستانبول، وراح يواظب على دروس قاضي زاده منلا قاسم (ت ٨٩٩ هـ / ١٤٩٤ م). ثم شارك بعد ذلك في حصار مدينة أرضروم، وبعد الحصار الذي دام سبعين يومًا بلا طائل لقي مع غيره عناءً كبيرًا في الطريق إلى توقاد، فقد تجمدت أيادي وأرجل الغالبية من شدة البرد وبترت بعضها، ومات من مات، وتعرض هو خلال تلك الكارثة للكثير من المحن والآلام "التي لم تحدث من قبل".
وفي عام ١٠٣٨ ص (١٦٢٨ - ١٦٢٩ م) حضر مدة إلى إستانبول، وراح يواظب على دروس قاضي زاده منلا قاسم (ت ٨٩٩ هـ / ١٤٩٤ م)، وتأثر به كثيرًا، فقد كان الرجل عالمًا طلق اللسان عظيم التأثير في نفوس سامعيه، يحضهم على طلب العلم والتخلص من الجهل، فجعله يتعلق به" وجذبه إلى طريق الشغل وتحصيل العلم جذبة وأي جذبة". وبدأ يتذاكر معه العلوم العالية التي درسها من قبل، وظل مداومًا على دروسه ووعظه حتى خرج للحرب مرة أخرى مع خسرو باشا (١٥). وفي عام ١٠٣٩ هـ (١٦٢٩ - ١٦٣٠ م) كان في حاشية خسرو باشا مشاركًا إياه في حملتي همدان وبغداد، وقد رَوَى فيما بعد ما تعرضوا له أثناء تلك الحرب، وأشار إلى المدن والمواقع التي استولوا عليها، مثل قلعة كلعنبر وحسن آباد وهمدان وبستون وغيرها، وذلك في كتابه الكبير في الجغرافيا المعروف باسم (جهاننما) (١٦) وفي كتابه (فذلكه) (١٧). وعقب حرب همدان في عام ١٠٤٠ هـ (١٦٣٠ - ١٦٣١ م) رافق الجيش عندما نزل به خسرو باشا إلى بغداد.
ويذكر كاتب جلبي حصار الجيش العثماني لبغداد الذي بدأ في ٢٢ صفر ١٠٤٠ هـ (٣٠ سبتمبر ١٦٣٠ م) في كتابه (فذلكه)، فيقول إنه بسبب الأمر الصادر خلافًا للقاعدة العامة جاء
_________
(١٤) هو أحد أقلام الديوان الهمايوني، وكانت مهمته مسك دفاتر جنود سواري القبوقولية، وتنظيم تذاكر علوفاتهم ورواتبهم.
(١٥) ميزان الحق، ص ١٣٠.
(١٦) نشر إبراهيم متفرقة، ص ٣٠٠، ٣٠٣، ٣٠٢.
(١٧) فذلكة، ٢/ ١١٨ وما بعدها.
مقدمة / 14
الجيش كله إلى قرب المتاريس ورابط هناك، فارتبك الجميع ورفعوا خيامهم ثم نصبوها خلف المتاريس، وقام كل واحد بحفر خندق أمام خيمته، ثم يصور كاتب جلبي الأمور ببعض الصور الحية عندما يقول: "وكنا نقوم بتكويم القرب الجرداء ونفتح دفتر المقابلة ونجلس وراءه، وفي الليل نحفر حفرة ننام فيها مثل القبر" (١٨).
وفي عام ١٠٤١ هـ (١٦٣١ - ١٦٣٢ م) عاد كاتب جلبي مرة أخرى إلى إستانبول، وراح يواظب على دروس قاضي زاده، وقرأ عليه التفسير وإحياء العلوم، وشرح المواقف، والدرر، والطريقة المحمدية.
وفي عام ١٠٤٣ هـ (١٦٣٣ - ١٦٣٤ م) عندما انسحب الجيش تحت قيادة الوزير الأعظم محمد باشا إلى حلب لقضاء الشتاء هناك سافر كاتب جلبي من حلب إلى الحجاز، وفي عودته كان الجيش آنذاك في ديار بكر فقضى فصل الشتاء في تلك المدينة بمصاحبة بعض العلماء والتباحث معهم.
وفي عام ١٠٤٤ هـ (١٦٣٤ - ١٦٣٥ م) سافر مع السلطان مراد الرابع في حملته على رَوَان، وروى لنا بالتفصيل مشاهداته وانطباعاته عن تلك الحرب.
وبعد أن قضى قدر عشر سنوات يصاحب الجيش في الحروب والحملات المختلفة، و"تم له بذلك أمر الحج والجهاد" عاد إلى إستانبول بقصد التفرغ الكامل لتحصيل "العلم الشريف"، والانتقال من "الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" كما هو شائع. وفي إستانبول أنفق على شراء الكتب إرثًا صغيرًا كان له. وكان أثناء إقامته في حلب قد بدأ يسجل أسماء الكتب التي يراها في حوانيت الوراقين، وكان يميل بطبعه إلى مطالعة كتب التاريخ والطبقات والوفيات أكثر من غيرها، حتى استكمل قراءة كل ما وقع تحت يده منها في عام ١٠٤٦ هـ (١٦٣٦ - ١٦٣٧ م). ولما توفي أحد أقربائه عام ١٠٤٧ هـ (١٦٣٨ م) وكان تاجرًا ثريًا ورث عنه عدة أحمال من الأقجه (اسم العملة العثمانية)، فانفق قدر ثلاثة منها على شراء الكتب، والباقي على تعمير وإصلاح دار له كانت تقع في الجانب الشمالي لجامع الفاتح (١٩)، وفي موضع متوسط بين الجامع المذكور وجامع السلطان سليم، ثم تزوج في السنة نفسها.
ولأنه كان قد عزم على الانقطاع للبحث والتأليف لم يشارك هذه المرة في حملة السلطان مراد الرابع على بغداد، وراح يواظب على دروس مصطفى أفندي الأعرج الذي اشتهر بالعلم
_________
(١٨) نفس المصدر، ٢/ ١٢٨ وما بعدها.
(١٩) هو الجامع الذي بناه فاتح إستانبول السلطان محمد الثاني.
مقدمة / 15
والفضل (٢٠)، فقد وجد في ذلك الرجل عِلْمًا وفيضًا يزيد عما وجده لدى كل العلماء الذين حضر دروسهم من قبل، فاتخذه أستاذًا له. كما أبدى الأستاذ أيضًا اهتمامًا بكاتب جلبي يزيد عن اهتمامه بباقي طلابه. وقد قرأ على هذا الأستاذ الأندلسية في العروض، وهداية الحكمة (حتى نهاية الباب الرابع)، والملخص في علم الهيئة، وأشكال التأسيس في علم الهندسة مع شرحه (٢١).
وفي عام ١٠٤٩ هـ (١٦٣٩ - ١٦٤٠ م) واظب على سماع دروس الشيخ كُرْد عبد الله واعظ جامع آياصوفيا، وانتقل في العام التالي إلى سماع دروس الشيخ كجه جي محمد أفندي واعظ جامع السليمانية.
أما في عام ١٠٥٢ هـ (١٦٤٢ - ١٦٤٣ م) فقد قرأ على الواعظ ولي أفندي نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني، وبدأ يسمع دروسه في النخبة أيضًا والألفية. واستطاع في عامين أن يكمل أصول الحديث. ولأن هذا الواعظ كان قد أخذ هذا الفنّ عن الشيخ إبراهيم اللقاني في مصر، فإن كاتب جلبي كان يعد نفسه تلميذًا للأخير بالواسطة. كما قرأ كتاب تلخيص المفتاح على المولى ولي الدين تلميذ المولى أحمد حيدر السُّهْرَاني ومفتي أَرْمَنَاك، وقرأ كتاب الفرائض للإمام سراج الدين محمد وشمسية كاتبي في المنطق.
والتقى عدة مرات بالشيخ المصري سري الدين الرضا الذي جاء إلى إستانبول عام ١٠٥٧ هـ (١٦٤٧ م) وسمع بعض دروسه. وظل كاتب جلبي قدر عشر سنوات منكبًا ليل نهار على القراءة والبحث، وقد ينسى نفسه أحيانًا مع كتاب، ويظل الشمع مشتعلًا في غرفته من مغيب الشمس إلى مطلعها، فلا يكل ولا يمل أبدًا. وكان يتردد عليه في تلك الآونة بعض الطلاب ليتعلموا على يديه.
واستطاع في عام ١٠٥٥ هـ (١٦٤٥ - ١٦٤٦ م) أن يشهد بنفسه بمناسبة حملة الجيش العثماني على جزيرة كريت كيف يجري إعداد الخرائط ورسْمها، ورأى الكتب المؤلفة في ذلك الموضوع، واطلع على كافة الخرائط. وفي تلك الأثناء حصلت قطيعة بينه وبين كبير موظفي قلم المقابلة (باش خليفه)، لأنه قال له "إن العادة الجارية عند السلف هي تبديل النوبة على خلافة هذا القلم كل عشرين سنة، فهل النوبة لم تأت بعد علينا بحسب أصول الطريق"، فلما رد عليه "الباش خليفة" بأن النوبة "مدى الحياة"، بادر هو بطلب الاستعفاء. وعاش نحو ثلاث سنوات منزويًا بعيدًا عن الحياة الوظيفية، وكان يدرس عليه في تلك الأثناء عدد من
_________
(٢٠) انظر: فذلكه، ٢/ ٣٩٢
(٢١) انظر: جامع المتون، طوب قابي سراي، امانت خزينه سى، رقم ١٧٦٣، ٥ أ.
مقدمة / 16
الطلاب في موضوعات مختلفة، لكنه مرض، فكان يقرأ كتب الطب، وطالع أيضًا كتب الأسماء والخواص بقصد البحث عن سبل ووسائل للتداوي من ناحية، والتنقيب عن الشفاء بالطرق الروحانية من ناحية أخرى.
وكان ينعزل عن الناس، ويتقرب إلى الله ثقة منه أن دعواته إليه بقلب سليم والتعويذات التي صنعها سوف تأتي بالنتيجة (٢٢). وفي أثناء عام ١٠٥٧ هـ (١٦٤٧ م) قام بتدريس شرح الأشكال في الهندسة والمحمدية لعلي قوشجي في الحساب لكل من مولانا محمد بن أحمد الرومي ولولده هو نفسه، كما علمهما من الزيج قاعدة استخراج دستور التقويم.
وفي أواخر عام ١٠٥٨ ص (١٦٤٨ م) حصل على وظيفة "الخليفة الثاني" في القلم الذي كان يعمل فيه، وذلك بتوصية من شيخ الإسلام عبد الرحيم أفندي إلى الصدر الأعظم قوجه محمد باشا بسبب كتاب تقويم التواريخ، وذلك رغم ما بذله المعارضون له من مساعٍ لرفض طلبه وجهود مادية ومعنوية للحيلولة دون ذلك (٢٣). وكان عبد الرحيم أفندي هذا صديقًا ودودًا له، مطلعًا على سرّه، يحادثه في شئون الدولة، ويستعين بمشورته في موضوعات شتى (٢٤). والشاهد على ذلك أنه أفتى بأن كتاب ميزان الحق كتاب مفيد. وقنع كاتب جلبي بما كان يتقاضاه من نقود تكفيه على معيشته، ولم يطلب المزيد. وقد ظهر عدد كبير من مؤلفاته في غضون تلك السنوات الأخيرة، كما استطاع بمساعدة الشيخ محمد إخلاصي (٢٥) أن ينقل إلى التركية بعض الكتب اللاتينية.
وفي يوم الجمعة السابع والعشرين من ذي الحجة عام ١٠٦٧ هـ (٦ أكتوبر ١٦٥٧ م) شعر كاتب جلبي بضيق وهو يشرب قهوة الصباح، فسقط الفنجان من يده ومات فجأة (٢٦). وكان قد كشف عن ذلك من قبلها لزوجته وخادمه، فقال لهما بعد أن سيطر عليه الخوف عندما أكل بطيخًا فجًّا في تلك الليلة، ثم اغتسل في الصباح بماء بارد: "ماذا يا ترى، فقد فعلنا أشياء تُنَاقِضُ بعضها بعضًا، حفظنا الله تعالى من الضر" (٢٧). وتكررت نفس الأقوال سببًا للوفاة في نسخة من كتاب ميزان الحق جرى استنساخها عام ١١٣٨ هـ (٢٨)، ولكن يضاف إلى الحادثة
_________
(٢٢) انظر: كشف الظنون، علم الخواص، ١/ ٧٢٥ وما بعدها، وعلم العزائم، ٢/ ١١٣٧.
(٢٣) انظر: تقويم التواريخ، نشر إبراهيم متفرقة، ٢٤٧ وميزان الحق في اختيار الأحق، ١٤٠.
(٢٤) انظر: مثلًا فذلكه، ٢/ ٢٩٣ وتحفة الكبار، ١٢٥.
(٢٥) وهو الراهب الفرنسي الذي اهتدى إلى الإسلام.
(٢٦) انظر: تقويم التواريخ، أحداث ١٠٦٧ هـ، ص ١٣٦.
(٢٧) انظر: جهاننما، طوب قابي، روان، رقم ١٦٢٤، ١ / أ.
(٢٨) انظر: مكتبة الفاتح، رقم ٥٣٣٥، ٤٤/ أ.
مقدمة / 17
بعض التفاصيل. إذ تقول الروايات التاريخية إن كاتب جلبي قد فسدت معدته بسبب البطيخ غير الناضج الذي أكله مساءً، فذكر أن في صدره ألمًا ظهر، "فاستعمل بعض المعاجين والمسهلات، وبينما هو يشرب القهوة بعدها تغيرت حاله، وسقط الفنجان من يده، وراح وهو في هذا الاضطراب يفتش بغير حيلة في كتب الطب، وإذا به يموت فجأة".
وهناك تباين في بعض المصادر حول تاريخ وفاته، إذ يُلاحظ أن تاريخ الوفاة في هذه المخطوطة كان مكتوبًا على شكل (١٠٦٧) ثم تم مَسْحه من بعد وجُعل على شكل (١٠٦٨). كما ذكر محمد عُبَيْدي في (تذكره شكوفجيان) التي تحمل اسم (نتائج الأزهار) أن كاتب جلبي توفي عام ١٠٧٤ هـ (١٦٦٣ - ١٦٦٤ م) وهو خطأ (٢٩). بينما يذكر مستقيم زاده في مجلة النصاب أنه توفي في أدرنة عام ١٠٦٤ هـ وهذا خطأ أكبر (٣٠). والواقع أن هذه المخطوطة كتبت بخط بديع الجمال، إلّا أن عدم معرفة الناسخ للعربية جعلتها تفيض بالأخطاء.
ويذكر المؤرخ التركي المعاصر إسماعيل حامي دانشمند تاريخ وفاته على أنه ١٥ من ذي الحجة ١٠٦٨ هـ (٢٤ سبتمبر ١٦٥٧). إلّا أنه لا يذكر كالعادة المصدر الذي اعتمد عليه (٣١).
ويقع قبر كاتب جلبي في مقبرة صغيرة تلاصق سبيل مياه في أسفل مدرسة بالقرب من جامع زَيْرَك بإستانبول، وهناك صورة فوتوغرافية لشاهد قبره القديم، نشرها شرف الدين يالتقايا في مقدمة كشف الظنون. وفي عام ١٩٥٣ م شُيِّدت له مقبرة جديدة ونُقِشَ على شاهدها الجديد اسمه وتاريخ وفاته.
شخصيته:
يقول محمد عزتي بن لطف الله الذي اشترى معظم مؤلفات كاتب جلبي ومسوداتها من تركته عقب وفاته بعامين إنه كان رجلًا صاحب همّة، حَسَنَ الطباع، قليل الحديث، حكيم النزعة (٣٢).
ويصفه عشاقي زاده الذي صاحبه في شبابه- في عدة أبيات من الشعر التركي تقول (٣٣):
مع الزاهد والعابد رفيق وشريك مشرب واحد
يرى لكل قاعدة ما يناسبها
_________
(٢٩) انظر: نتائج الأزهار، مكتبة جامعة إستانبول T. Y. ٢٩٢٣ - ٩/ أ، ورقم T.y ٣٣٨٦، ١٥ / ب.
(٣٠) انظر: مكتبة حالت أفندي، رقم ٦٢٧، ورق ٣٦١ / أوما بعدها.
(٣١) انظر: Izahh Osmanh Tarihi Kronolojisi، ist. ١٩٤٨، III، S. ٤٢٣.
(٣٢) انظر: جهاننما، مكتبة طوب قابي، رَوَان، رقم ١٦٢٤، ورق ١.
(٣٣) ذيل عشاقي زاده، مكتبة حفيد أفندي، رقم ٢٤٢، ورق ١٣١ / أ.
مقدمة / 18
وأرْسَلَ على هؤلاء المتعلمين الجدد
صوته الشجي كالناي حسنًا
ولم يك قعيدًا كالدجاجة ليلًا عند مسقاها
وهو صغيرٌ مع الصغير كبيرٌ مع الكبير (٣٤)
وقد حظي كاتب جلبي بسمعة طيبة، ونال تقدير الناس واحترامهم في حياته وبعد مماته، ولم يخرج على ذلك إلّا رجل يدعى الشيخ محمد نظمي في كتابه الذي ألفه عام ١١٠٨ هـ (١٦٩٦ م) تحت عنوان "هدية الإخوان وعبرة الخلان"، فقد كتب عن العلاقة التي كانت بين قاضي زاده والشيخ السيواسي، وتعرض وهو يترجم لحياة الثاني لكاتب جلبي، فَقَدَحَهُ بلسان غليظ. والحق أن مؤلفات كاتب جلبي كلها تشهد على روحه السمحة، وموضوعيته في النقد، وحياده بين الأطراف المختلفة (٣٥). فقد كان كاتب جلبي رجلًا وقورًا ينفر من الهجاء (٣٦)، ولم يتحدث في كتابه عن الهزل والمزاح إلّا قليلًا، إذ كان يعرف للأخلاق السامية قدرها، ولهذا امتدح كتاب (اخلاق علائي) في الأخلاق والحكم والسياسة بما لم يمتدح به كتابًا آخر، وامتدح مؤلفه قنالى زاده علي أفندي، فقال "هو أحسن من الجميع في نفس الأمر، شكر الله سعي مؤلفه، وجعله مثابًا ومأجورًا بسبب هذا التأليف الحنيف والتحرير اللطيف، ولعمري إنه كامل أخلاقه طيب أعراقه، من الأفاضل الأفراد، وآثاره تجذب بيد لطفها عنان الفؤاد". ونعلم أيضًا أنه كان من أصحاب الذوق الرفيع، إذ يهوى تربية الزهور، وكان يزرع نوعًا من السنبل الأزرق كثير الأوراق.
أعماله:
١ - فذلكة أقوال الأخيار في علم التاريخ والأخبار (بالعريية):
وهو أول كتاب شرع في تأليفه فكتبه بالعربية، ويضم مقدمة وثلاثة أصول وخاتمة، وهو في التاريخ الإسلامي العام. وتضم المقدمة أربعة فصول، يتحدث أولها عما يحتويه الكتاب من فصول وأبواب. ويتحدث الفصل الثاني عن معنى التاريخ وموضوعاته وفوائده. بينما يتعرض الفصل الثالث لأسماء الكتب التي كتبت في ذلك الموضوع، مرتبةً بحسب الترتيب الألفبائي، وتبدأ بالكتب العربية ثم الفارسية ثم التركية. أما الفصل الرابع فهو يتعرض لذكر القواعد والأصول التي يجب على المؤرخ الالتزام بها في الكتابة. وفي الأصل الأول الذي
_________
(٣٤) رند وزاهد له همدم وهمرنك
(٣٥) انظر: هدية الإخوان، مكتبة. السليمانية، حاجي محمود أفندي، رقم ٤٥٨٧.
(٣٦) انظر: كشف الظنون، ٢/ ١٠١٠.
مقدمة / 19
قسمه إلى قسمين، ثم جعل كل قسم إلى ثلاثة فصول، تحدث في أولهما عن بداية خلق المخلوقات، وفي الثاني عن الأنبياء والرسل، وفي الثالث عن الخلفاء الراشدين الأربعة. أما القسم الثاني فقد تحدث في فصله الأول عن الحكام الذين حكموا قبل ظهور الإسلام، وفي الفصل الثاني عن الحكام الذين جاءوا بعد الإسلام، مرتبين بحسب القرون، وفي الفصل الثالث عن المتغلبة، والخوارج، وعمن ادعوا النبوة، ثم يردف ذلك بتتمة جمع فيها بعض المعلومات النافعة.
وفي القسم الأول من الأصل الثاني تحدث عن "الأمور الكلية لأحوال البشر"، فقسمه هو الآخر إلى ثلاثة فصول، تحدث في الفصل الأول عن هيئة الأرض والأقاليم، وفي الفصل الثاني عن الأقوام المختلفة وقبائل العرب، وفي الفصل الثالث عن الأسماء والألقاب والكنى والأنساب والوفيات وقواعد كل ذلك. وجعل القسم الثاني مخصصًا للمدن والرجال الذين تحدث عنهم في القسم الأول مرتبين بحسب الترتيب الألفبائي. أما الأصل الثالث والأخير فقد جعله للأحداث والوقائع التي مرت منذ الهجرة النبوية حتى حياة المؤلف، أي حتى عام ١٠٠٠ هـ (١٥٩١ م) وذلك بترتيب السنوات. والملاحظ أنه استفاد من تاريخ الجنّابي المعروف بالعيلم الزاخر في الأول والآخر. وقد فرغ المؤلف من كتابته في آخر شهر ربيع الآخر عام ١٠٥٢ هـ (يوليه ١٦٤٢ م). والنسخة الوحيدة الموجودة منه هي نسخة المؤلف المحفوظة الآن في مكتبة بايزيد العمومية تحت رقم (١٠٣١٨).
٢ - فذلكه (بالتركية):
وقد كتبه ذيلًا للكتاب الأول، فهو في التاريخ، ويبدأ من أول عصر المؤلف، أي قبل مولده (١٠١٧ هـ / ١٦٠٩ م) من عام ١٠٠٠ هـ (١٥٩١ م) إلى عام ١٠٦٥ هـ (١٦٥٤ م). وقد رتب الأحداث فيه على السنين، وجعل في نهاية كل سنة ذكر موجز لوفيات رجال الدولة وحياة المشاهير من العلماء والشعراء، كما تحدث عن مؤلفات مَنْ له مؤلفات منهم. واستفاد من الكتب الأخرى في الأحداث التي لم يشهدها، ولا سيما حسن بكزاده، كما نقل عن بجوي وجَرّاحْزَاده وبيري باشا زاده وفخري. وينتهي الكتاب بحادثة عصيان إبشير باشا عام ١٠٦٥ هـ (١٦٥٤ م). وقد طبع ذلك الكتاب في مجلدين في مطبعة جريدة الحوادث بإستانبول (المجلد الأول ٤١٢ هـ سنة ١٢٨٦ م، والمجلد الثاني ٣٩٨ هـ سنة ١٢٨٧ م).
٣ - تحفة الكبار في أسفار البحار (بالتركية):
كان كاتب جلبي قد حضر حرب كريت التي بدأت عام ١٠٥٥ هـ (١٦٤٥ م)، فشاء أن يروي الأحداث والوقائع التي مرت منذ العهد العثماني الأول حتى عام ١٠٦٧ هـ (١٦٥٦ م)، وهو
مقدمة / 20
العام الذي شرع فيه كتابة هذا الكتاب، سواء في البر أم البحر. فقد شهد المؤلف بعينيه الهزائم والانكسارات التي لحقت بالعثمانيين، ومدى طغيان الأعداء وغرورهم، وكل ذلك نتيجة للتدابير الناقصة والأخطاء التي ارتكبها المسئولون، فروى من خلال هذا الكتاب حياة قباطنة الماضي الشجعان وحروب قراصنة البحر والمجاهدين، ثم الآراء والتدابير التي كان يتخذها بعض المسئولين والعقلاء، مستهدفًا تنبيه العثمانيين وإنقاذهم من حالة الفتور التي وقعوا فيها. ولهذا السبب كان -وهو يتحدث بخاصةٍ عن الهزائم التي تعرض لها العثمانيون في بداية حملتهم على جزيرة كريت- يشير بإيجاز إلى أسباب كل هذه الهزائم، والسبل الكفيلة للحيلولة دون وقوعها، من خلال كشفه للأخطاء وسوء التدبير. وقد تم طبع ذلك الكتاب في غرة ذي القعدة ١١٤١ هـ (١٧٢٩ م) في مطبعة إبراهيم متفرقة، وكان ترتيبه الثاني بين الكتب المطبوعة آنذاك، كما زوّده إبراهيم متفرقة بسبع صفحات للمندرجات وصحيفتين لأخطاء الطباعة وعدة خرائط مهمة وأشياء أخرى. وكانت طبعته الثانية عام ١٣٢٩ هـ (١٩١٩ م) في مطبعة البحرية (١٢+١٦٦+ ٢ ص). وقد صدرت له مؤخرًا طبعة محققة نشرها الدكتور إدريس بستان (٣٧).
٤ - تقويم التواريخ (بالتركية):
وهو تاريخ إسلامي عام، يضم الوقائع والأحداث التي ذكرتها التواريخ المختلفة، منذ هبوط آدم ﵇ إلى الأرض حتى عام ١٠٥٨ هـ (١٦٤٨ م)، وهو بمثابة جدول زمني أو ثبت بالأحداث التي مرت في الكتب التي كتبها قبل ذلك، وخاصة كتاب الفذلكة العربي، وفرغ من كتابته في شهرين عام ١٠٥٨ هـ (١٦٤٨ م). وهو الكتاب الذي أرسل إلى الصدر الأعظم قوجه محمد باشا في نفس سنة الفراغ منه بواسطة شيخ الإسلام عبد الرحيم أفندي، وتمت عندئذ ترقية كاتب جلبي إلى درجة الخليفة الثاني. وللكتاب عدة ذيول، أولها الذي كتبه محمد شيخي أفندي ووصل به حتى عام ١١٤٤ هـ (١٧٣١ م)، والذيل الثاني هو الذي كتبه إبراهيم متفرقة ووصل به حتى عام ١١٤٦ هـ (١٧٣٣ م)، ثم قام إبراهيم متفرقة بطبع الكتاب الأصلي مع هذين الذيلين عام ١١٤٦ هـ (يونيه ١٧٣٣ م).
٥ - تاريخ فرنكى ترجمه سى (بالتركية):
وهو ترجمة تركية لكتاب يوهان كاريون Johann Carion بعنوان، chronik، وقام بهذه الترجمة كاتب جلبي مع الشيخ محمد إخلاصي في إستانبولى عام ١٠٦٥ هـ (١١٥٤ م)، ثم أضيفت لتلك الترجمة بعض ذيول مختصرة أخرى. وقد فعل فيه مثلما فعل في كتاب "لوامع
_________
(٣٧) Tuhfetu'l - Kibar fi Esfari'l- Bihar، katib celebi، Hazirlayan: idris Bostan، Ankara ٢٠٠٨.
مقدمة / 21