138

نعم هو صاحب موهبة كما قلنا ولكن في حيز محدود ، وصاحب سخاء ولكن من نوع فريد ، وصاحب هواية خاصة لها سلطانها القاهر على نفسه.

فأما موهبته ففي اغتنام الفرص من مآزق الناس ، واما هوايته ففي الغلبة والسلطان ، واما سخاؤه فبما لا يسخو به من يحسب لاخرته حسابها.

والمرجح أن معاوية كان يعرف من نفسه قصورها عن العسكري الذي كان يجب أن يكونه وهو يناضل أشجع عسكرية في الاسلام ، فكان يود دائما ان يلتوي بحروبه مع العراق ، الى الطريقة الخاضعة لموهبته ، ويفر ما وسعه الفرار من حرب السلاح الى حرب الفتن.

وكانت التجارب التي صارعها معاوية في حروب صفين ، هي الاخرى التي املت عليه القناعة القصوى بهذا الاختيار.

ولم يفلت معاوية من النهيار المحقق الذي حاق به يوم ذاك ، والذي نشط به الى محاولة الفرار بنفسه على ظهر جواد ، الا حين أخذ بالرأى البكر الذي أملاه عليه مستشاره الكبير « ابن العاص »! ثم كانت الفتنة بنطاقها الواسع الذي خلق للمسلمين انواع المشاكل والنكبات فيما بعد.

فالفتنة في نظر معاوية خير مركب للنجاح ، وهي بتجارب معاوية امضي أثرا من السلاح ، فكيف لا يجنح اليها كلما حاق به مأزق من هذه المآزق التي كان يجرها على نفسه في مختلف المناسبات؟.

ورفق معاوية في ميدان « الفتنة » الى تعبئة جهاز من النوع الثقيل ،

Page 158