وتجرع خيبة مريرة لم يتوقع - على أسوأ الفروض - أن تبلغ مرارتها هذه الدرجة، وتساءل: وهل يملك موظف - أعني في سن الزواج - هذا المرتب الضخم؟ ولكنها لم تنبس، فعاد يقول: إنك تريدين زوجا ثريا! - آسفة جدا، ولكنك أجبرتني على مصارحتك برأيي ..
فقال بصوت غليظ: هذا أفضل على أي حال.
فعادت تغمغم: آسفة ..
وثار غضبه، ولكنه بذل جهدا صادقا كيلا يخرج عن حدود الأدب، ثم وجد رغبة لا تقاوم في أن يصارحها برأيه فتساءل: أتسمحين لي بأن أصارحك برأيي؟
فبادرته قائلة: كلا، إني أعرف الكثير عن آرائك، وأرجو أن نبقى صديقين كما كنا!
ورثى رغم غضبه لحالها، هذه هي الحقيقة العارية قبل أن يلطفها الحب. التي تهرب مع خادمها امرأة طبيعية وإن عدت - بعين التقاليد - شاذة في المجتمع المختل يبدو الصحيح مريضا والمريض صحيحا، إنه غاضب ولكن تعاسته أكبر من غضبه، إنها على أي حال تحدس رأيه وفي هذا عزاء، ومدت يدها للمصافحة فتلقاها بيده، ثم أبقاها فيها حتى وسعه أن يقول: قلت إنك لم تدخلي الجامعة لتتوظفي، قول جميل في ذاته ولكن إلى أي مدى انتفعت بالجامعة؟
وارتفع ذقنها كالمتسائلة، لكنه قال بلهجة لم تخل من سخرية: معذرة عن سخافتي، لعل المسألة أنك لم تحبي بعد، مع السلامة.
ودار على عقبيه، ثم ولى مسرعا.
30
قال إسماعيل لطيف: لعلي أخطأت بحمل زوجي إلى القاهرة كي تلد فيها، كل ليلة تنطلق صفارة الإنذار، أما طنطا فلم نكد نعرف شيئا عن أهوال هذه الحرب.
Unknown page