Sufiyya Nashatha Wa Tarikhha
الصوفية: نشأتها وتاريخها
Genres
أما انعكاس ذلك على إيران في العموم، فقد تمثل في إقرار الإسلام الشيعي تدريجيا باعتباره «دين الدولة»، وهو مصطلح بدأ يتبلور منذ فترة أوائل العصر الحديث.
ونتيجة لذلك، فقد تعرض الصوفيون الذين رفضوا قبول الإسلام الشيعي لقمع وحشي أدى، على سبيل المثال، إلى قتل ما يقرب من أربعة آلاف عضو من الطريقة الكازرونية في جنوب إيران في بداية القرن السادس عشر. وخلال عقود قليلة ظهرت عقيدة جديدة مدعومة من الدولة؛ نظرا لتغير نوع الإسلام المدعوم من الدولة الصفوية إلى نوع الإسلام الشيعي الأكثر اعتمادا على الفقه والعلماء، وهاجمت طبقة العلماء الصاعدة حماس وعنف القزلباش وتبجيلهم للأسرة الصفوية، واعتبرت صوفيتهم القبلية نوعا من «التطرف» أو «الغلو». وعلى النقيض من صوفية القزلباش القبلية - التي كغيرها من الأنواع الناتجة عن المرتفعات الحدودية، بدت بدائية بل مهرطقة أيضا بالنسبة إلى النخب الحضرية التي كان يتعامل معها الصفويون في ذلك الوقت - فقد امتلك الإسلام الشيعي العلماء الفقهاء، والرؤية المنهجية للنظام الاجتماعي، والاحترام الدولي؛ مما منح الإمبراطورية، التي أصبحت مستقرة في ذلك الوقت، بديلا يحظى بقدر أكبر من الاحترام للإرث الحدودي. (5) الهند: الإمبراطورية المغولية المبكرة
عندما نلتفت إلى الإمبراطورية الإسلامية المنتمية لفترة أوائل العصر الحديث، التي أسسها الحكام المغول في الهند، سنجد أوجه تشابه واختلاف مع وضع الصوفيين في ظل العثمانيين والصفويين في القرن السادس عشر؛ فعلى الرغم من أن المغول أنفسهم لم يصلوا إلى الحكم كأسرة صوفية مثلما حدث مع الصفويين، فإنهم مثل غيرهم من الحكام المغول الأتراك، كونوا في تاريخهم المبكر في آسيا الوسطى تحالفات مع أولياء الطريقة النقشبندية.
44
وفي تشابه مع العثمانيين والصفويين، فإن المنطقة التي آل حكمها إلى المغول بعد غزوات مؤسسها بابر (الذي حكم من عام 1526 إلى عام 1530) ضمت جماعات صوفية ترتبط بعلاقات مؤثرة مع السكان، لم يكن من السهل تهميشها لصالح حلفاء المغول النقشبنديين. ونظرا لإدراك قوة المؤسسة الصوفية التي كانت موجودة بالفعل في الهند منذ قرون، فقد كانت أول خطوة لبابر في غزو دلهي هي القيام بزيارة رسمية إلى أضرحة أوليائها الصوفيين الجشتيين.
45
وعلى الرغم من ذلك، فإنه توجد أدلة على الدور الفعال الذي لعبه الصوفيون، عندما أطيح بهمايون بن بابر، عن طريق انتفاضة الأفغان الذين لاقوا تهميشا في ظل النظام الجديد بسبب ارتباطهم بالنظام الحاكم السابق؛ حيث كانوا سببا في فترة الحكم الأفغاني الذي تبع الانتفاضة، ثم كانوا سببا في إنهائه في نهاية المطاف.
46
ولذلك، إذا مثلت بداية الحكم المغولي استمرارية للأمر الذي شهدنا ظهوره في الفصل الثاني المتمثل في وقوف الأولياء الصوفيين على قدم المساواة مع السلاطين، فإنه مع استقرار حكم المغول في الهند تغير ميزان القوة لصالح الدولة. وعلى الرغم من أن المغول لم يحاولوا مطلقا فعل أي شيء فيما يتعلق بالتنظيم المركزي للطرق الصوفية الذي وجدناه لدى العثمانيين، فإن المغول يجمعهم أوجه شبه مهمة مع العثمانيين والصفويين تتعلق بطريقة تعامل المغول مع الصوفيين والرموز الصوفية. وكما هو الحال مع دول تلك الفترة الأخرى، فقد مثل التقليد الصوفي موردا قيما يمكن للدولة الاستحواذ عليه. وأبرز مثال تتجلى فيه الصوفية كمورد للدولة هو المعجم الجغرافي العظيم للإمبراطورية المغولية، الذي يحمل عنوان «الدستور الأكبري» (الذي كتب تقريبا عام 1590)، والذي صنفت فيه أضرحة الصوفيين وأوليائهم في الأراضي المغولية ضمن الممتلكات الإمبراطورية الأخرى.
47
Unknown page