262

Sudan

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

Genres

لما كان النيل هو العلاقة الطبيعية بين مصر والسودان، وهو مصدر الحياة ومرجع السياسة والحكم فيهما في عصور مختلفة - فقد آثرنا أن نعقد هذا الفصل لبحث هذا النهر:

النيل نهر من أهم أنهار العالم وثانيها طولا إذ يبلغ طوله من أقصى منبعه عند بحيرة تنجانيقا إلى البحر الأبيض المتوسط 6500 كيلو متر أو ما يزيد على الأربعة آلاف ميل، ولا يضارعه في الطول غير نهر المسيسيبي مع فرعه الميسوري؛ إذ يبلغ طولهما 4200 ميل تقريبا.

ويفوقه الكثير من الأنهر في كمية الماء، ولكن لا يفوقه منها نهر من الوجهة العلمية، ومن المحتمل أن يكون القليل من الأنهر قد درس بتفصيل مثله إلا أن تنائي بعض الأجزاء من حوضه وصعوبة الوصول إليها ترك الكثير من المعلومات عنه غير مجموع.

ويشغل حوضه مسطحا يقرب من 29000 كيلومتر مربع أو ثلاثة أعشار القارة الأوربية وكثير من هذه المساحة العظيمة لا يمد النهر بالإيراد المائي.

ويمتد حوضه من خط عرض 4° جنوبا إلى خط عرض 31° شمالا، ويشمل جزءا من إقليم تنجانيقا «أفريقيا الشرقية الألمانية سابقا» وكنيا والكونغو البلجيكي والحبشة، وما يقرب من كل مستعمرة أوغندا كلها والسودان ومصر. ويشمل حوضه زيادة على ذلك بحيرة فيكتوريا التي هي أكبر بحيرة عذبة في نصف الكرة الشرقي ومدينة القاهرة، وهي أكبر مدينة في أفريقيا وجبل الرونزوري، «ويبلغ ارتفاعه 5120 مترا أو 16800 قدم»، وهو ثالث جبال أفريقيا ارتفاعا.

ويشمل حوض النيل لاتساع مداه طولا وارتفاعا الكثير من مختلف المناخ، وكذا الكثير من مختلف الأحياء النباتية والحيوانية.

فمن نباتاته ما هو من نوع نباتات جبال الألب، وهي تنمو في أعالي جبال كينيا وجبل الراونزوري الذي يغطي الجليد قممه على الدوام، ومنها أيضا الغابات الاستوائية الكثيفة بصعيد البحيرات وحشائش الفيلة الطويلة المنتشرة في أكثر أراضي أوغندا وغابات سفانا القليلة الأشجار التي توجد في الجزء الجنوبي من الحوض والنباتات الكثيفة التي تنمو بالمستنقعات الاستوائية وغابات أواسط السودان ذات الأشجار الشوكية والنباتات الضئيلة التي تنمو في الصحراء المكونة للجزء الشمالي من الحوض، وبحوض النيل زيادة على ذلك المحصولات الوافرة التي تزرع في القطر المصري.

أما حيوانات الجزء الجنوبي من الحوض فتنتظم الكثير من الأنواع ، وأكثرها شيوعا: الفيل والجاموس والأسد والفهد والغزال العوام والتياتل ذوات الألوان المختلفة، والكثير من أنواع الخيول القصيرة وتياتل جنوب أفريقية، وعجل البحر، وغزال الأحراش، والغزال العادي، والخنزير البري، والقردة، وعلاوة على ذلك فالمنطقة غنية بطيورها، وأكثرها شيوعا الطيور المائية وجوارح الطير وطيور الصيد التي منها الغرغر والقطا.

ومن حيواناته الزاحفة: التمساح، وهو منتشر في البحيرات والأنهر والكثير من أجناس السحالي والأفاعي، وكذا تكثر فيه الأسماك.

ويقطن حوض أعالي النيل الكثير من الحشرات المؤذية والوبائية، وعلى الأخص الناموس، وفي بعض الجهات يوجد ذباب تسي تسي وغيره من أنواع الذباب القارص التي تسبب الأوبئة التي تصيب الإنسان والحيوان. ولا يمكن الاحتفاظ بالماشية في بعض جهات الجزء الجنوبي، فلا وسيلة للنقل غير استخدام الحمالين، وقد أغنى عنهم النقل الميكانيكي في الجهات التي بها طرق ممهدة. (1) وصف حوض النيل

Unknown page