167

Subul Huda

سبل الهدى والرشاد

Investigator

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٤ هـ - ١٩٩٣ م

Publisher Location

لبنان

شامة، كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة. فقال له عبد المطلب: أيها الملك أبت بخير ما آب بمثله وافد قوم، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من سارّه إياي كيما أزداد به سرورًا. فقال له الملك: هذا حينه الذي يولد فيه أوقد ولد، اسمه محمد، يموت أبوه وأمه ويكفله جدّه وعمّه، ولدناه مرارًا والله باعثه جهارًا وجاعل له منا أنصارًا، يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه، ويضرب بهم الناس عن عرض ويستفتح بهم كرائم أهل الأرض، يعبد الرحمن ويدحض أو يدحر الشيطان ويخمد النيران ويكسر الأوثان. قوله فصل وحكمه عدل، ويأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله. قال له عبد المطلب: عزّ جدّك ودام ملكك وعلا كعبك، فهل الملك سارّي بإفصاح فقد وضح لي بعض الأيضًاح قال له سيف بن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النّقب إنك لجدّه يا عبد المطلب غير كذب. قال: فخرّ عبد المطلب ساجدًا، فقال له سيف بن ذي يزن: ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا كعبك، فهل أحسست بشيء مما ذكرته لك؟ قال: نعم أيها الملك إنه كان لي ابن وكنت به معجبًا وعليه رفيقًا وإني زوّجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة [(١)]، فجاءت بغلام فسمّيته محمدًا مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه. فقال له سيف بن ذي يزن: إن الذي قلت كما قلت فاحتفظ من ابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا واطو ما ذكرته لك عن هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تتداخلهم النّفاسة من أن تكون لهم الرياسة، فينصبون له الحبائل ويبغون له الغوائل، وهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غير شك، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار ملكه فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن بيثرب استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره، ولولا إني أقيه من الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنّه أمره ولأوطأت على أسنان العرب كعبه، ولكني سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك. ثم دعا بالقوم وأمر لكل واحد منهم بعشرة أعبد سود وعشرة إماء سود وحلّتين من حلل

[(١)] آمنة بنت وهب بن عبد مناف، من قريش: أم النبي ﷺ كانت أفضل امرأة في قريش نسبا ومكانة. امتازت بالذكاء وحسن البيان. رباها عمها وهيب بن عبد مناف. وتزوجها عبد الله بن عبد المطلب فحملت منه بمحمد ﷺ ورحل عبد الله بتجارة إلى غزة فلما كان في المدينة عائدا مرض فمات بها. وولدت آمنة بعد وفاته. فكانت تخرج كل عام من مكة إلى المدينة فتزور قبره وأخوال أبيه (بني عدي بن النجار) وتعود. فمرضت في إحدى رحلاتها هذه فتوفيت بموضع يقال له «الأبواء» بين مكة والمدينة، ولابنها من العمر ست سنين وقيل أربع. توفيت سنة ٤٥ ق. م. الأعلام ١/ ٢٦.

1 / 127