183

Subh al-aʿsa fi sinaʿat al-insaʾ

صبح الأعشى في صناعة الانشاء

Publisher

دار الكتب العلمية

Publisher Location

بيروت

المقصد الثالث في بيان ما يحتاج إليه الكاتب من اللغة؛ ويرجع المقصود منه إلى خمسة أصناف الصنف الأوّل- الغريب ، وهو ما ليس بمألوف الاستعمال، ولا دائر على الألسنة؛ وذلك أن مدار الكتابة على استخراج المعاني من القرآن الكريم، والأحاديث النبويّة، والشعر؛ وألفاظها لا تخلو عن الغريب؛ بل ربّما غلب الغريب منها في الشّعر على المألوف لا سيّما الشعر الجاهليّ. وقد قال الأصمعيّ «١» «توسّلت بالملح ونلت بالغريب» . قال صاحب «الريحان والريعان»: «والغريب، وإن لم ينفق منه الكاتب فإنه يجب أن يعلم ويتطلّع إليه ويستشرف؛ فربّ لفظة في خلال شعر أو خطبة أو مثل نادر أو حكاية؛ فإن بقيت مقفلة دون أن تفتح لك، بقي في الصدر منها حزازة تحوج إلى السّؤال، وإن صنت وجهك عن السؤال، رضيت بمنزلة الجهّال» . وقد عاب ابن قتيبة رجلا كتب في وصف برذون: «وقد بعثت به أبيض الظهر والشّفتين» . فقيل له: هلّا قلت في بياض الشفتين أرثم ألمظ! فقال لهم: فبياض الظهر، قالوا لا ندري، فقال: إنما جهلت من الشفتين ما جهلتم من الظّهر. وذمّ قوما من وجوه الكتّاب بأنه اجتمع معهم في مجلس فتذاكروا عيوب الرقيق فلم يكن فيهم من يفرّق بين الوكع «٢» والكوع «٣»، ولا بين الحنف «٤» والفدع «٥»، ولا

1 / 186