Studies in the Prophetic Tradition
دراسات في السنة النبوية
Publisher
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
الإسلامي فجعل الإمام الشافعي مثلا أول قائل بحجية السنة واستشهد على ذلك ببعض النصوص التي أوردها الإمام في كتابه الأم١حيث يذكر أن الإمام مالكا وأبا حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني أخذوا بالقياس والرأي في مقابلة السنة في بعض المواضع. ولكن الأمر الذي فات شاخت هو هل هذا الترك كان لعدم وقوفهم على السنة؟ أو لعدم احتجاجهم بالسنة؟ فإذا عجز شاخت عن فهم هذه الأصول فلماذا أقدم على أمر هو بعيد عن إدراكه؟. نحن نجيب عن هذه الأسئلة إن شاء الله ولو بقليل من التفصيل: ونسلك في هذا طريقة المنطقية:
لم يعرف أحد من أئمة أهل السنة الذي قال بعدم حجية السنة ونحن نقيم على هذا أدلة قاطعة من كتب الحديث والفقه وتاريخ المسلمين إن شاء الله تعالى.
فهذا إمام من أئمة أهل السنة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس الذي شدت إليه الرحال وضربت له أكباد الإبل وازدحم الناس حوله، لقد عرف رحمه الله تعالى فقيها ومحدثا وهذا الوصف المطابق لم يزل ملازما الإمام مالك حتى انتقل إلى رحمة الله ورضوانه.
لقد توهم بعض الباحثين فقالوا إن مالكا كان يقدم القياس والرأي في مقابلة السنة، وهذا اتهام وبهتان فقد نقل عبد الوهاب الشعراني على لسان مالك قوله " إياكم رأي الرجال إلا إن أجمعوا عليه واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وما جاء عن نبيكم وإن لم تفهموا المعنى وسلموا لعلمائكم، ولا تجادلوا، فإن الجدال في الدين من بقايا النفاق"٢.
وفيه أيضا نقلا عن ابن حزم قوله: "أنه لما حضرته الوفاة قال وددت الآن أني أضرب على كل مسألة قلتها برأي سوطا ولا ألقى رسول الله ﷺ بشيء زدته، في شريعته
_________
١ راجع اختلاف مالك والشافعي ج/٧ ص١٧٧، كتاب جماع العلم ص٢٥٠ كتاب الرد على محمد بن الحسن ص٢٧٧، كتاب إبطال الإحسان ص٢٦٧.
(٢) الميزان ج١ ص٦٤.
21 / 90