Studies in the History of the Honorable Sunnah
بحوث في تاريخ السنة المشرفة
Publisher
بساط
Edition Number
الرابعة
Publisher Location
بيروت
Genres
جماعة فقال: "ما هذا؟ " قالوا: رجل علامة. قال النبي ﷺ: وما العلامة؟ " قالوا: رجل عالم بأيام الناس وعالم بالعربية وعالم بالأشعار وعالم بالأشعار العرب، فقال رسول الله ﷺ: "هذا علم لا يضر أهله" ١. وبإسناد آخر عن أبي هريرة، أنه قال: "هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر" ٢، وهكذا لم ينههم النبي ﷺ عن الاجتماع على تعلم الأنساب والأخبار والأشعار، وقد حدث الكلام عنها في مسجده بالذات، وأما قوله: "هذا علم لا ينفع" في رواية أبي هريرة ﵁ فلعله أراد الأشعار والأخبار لأن نفع علم الأنساب ظاهر وقد حض ﷺ تعلمه٣. إذ أن قسما من أحكام الشرع يحتاج تطبيقها إلى معرفة الأنساب، ولذلك كانت معرفة بعض الأنساب فرضا على المسلمين كمعرفة نسب النبي ﷺ ومعرفة أن الخلافة لا تجوز إلا في قريش فلو جهلت الأنساب لأمكن ادعاء الخلافة لمن لا تحل له، وكمعرفة الأنسان أباه وأمه وكل من يلقاه بنسب في رحم محرمة لما يترتب على ذلك من أحكام الزواج والمواريث٤.
لقد رتب ديوان الجند الذي أنشأه عمر بن الخطاب ﵁ على القبائل، وقد راعى عمر القرابة من النبي ﷺ في تسلسل القبائل التي سجلها فقدم بني هاشم على غيرهم من العشائر القرشية، وقدم قريش على غيرها من القبائل العربية٥، وقد أصبح هذا التسلسل في ترتيب العشائر أساسا اتبعته كتب النسب التي كتبت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري فيما بعد.
ويمكن أن نعتبر ديوان الجند أول تقييد شامل للأنساب وكانت الحاجات العملية للدولة هي التي أدت إلى ظهوره.
١ المصدر السابق، ١/ ٩. ٢ المصدر السابق. ٣ يرى ابن حزم أن حديث "هذا علم لا ينفع وجهل لا يضر" موضوع لا تصح نسبته إلى النبي ﷺ أنظر: جمهرة أنساب العرب، ٣-٤. ٤ ابن حزم: جمهرة أنساب العرب، ٢. ٥ ابن سعد: الطبقات الكبرى، ٣/ ٢٨٢-٢٩٦؛ والطبري: تاريخ الرسل والملوك، ١/ ٢٧٤٩-٢٧٥٠.
1 / 173