228

Waʾd al-fitna: dirāsa naqdiyya li-shubahāt al-marjifīn wa-fitnat al-Jamal wa-Ṣiffīn ʿalā manhaj al-muḥaddithīn

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Publisher

دار عمار للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Genres

صحابة النَّبيِّ ﷺ من المهاجرين والأنصار، لأُبلِّغكم ما يقولون ... فعليهم نزلَ القرآن، وهم أعلم بالوحي منكم، وفيهم أنزل: وليس فيكم منهم أحد. فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشًا، فإنَّ الله يقول: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨)﴾ [الزّخرف] قال ابن عباس: وأتيت قوما لم أرَ قوما قطّ أشدّ اجتهادًا منهم مسهمة وجوههم من السَّهر، كأن أيديهم وركبهم تثنى عليهم، فمضى من حضر، فقال بعضهم: لنكلمنَّه ولننظرنَّ ما يقول.
قلت: أخبروني ماذا نقمتم على ابن عمّ رسول الله ﷺ، وصهره والمهاجرين والأنصار؟ قالوا: ثلاثًا. قلت: ما هنَّ؟
قالوا: أمَّا إحداهنّ فإنه حَكَّم الرجال في أمر الله، وقال الله تعالى ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ... (٥٧)﴾ [الأنعام] وما للرجال وما للحكم؟ فقلت: هذه واحدة.
قالوا: وأمَّا الأخرى فإنه قاتل، ولم يسب (^١) ولم يغنم، فلئن كان الذي قَاتَلَ كفّارًا لقد حَلَّ سبيهم وغنيمتهم، ولئن كانوا مؤمنين ما حلَّ قتالهم. قلت: هذه اثنتان، فما الثّالثة؟
قال: إنَّه محا (^٢) نفسه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. قلت: أعندكم سوى هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.
فقلت لهم: أرأيتم إن قرأتُ عليكم من كتاب الله ومن سُنَّة نبيِّه ﷺ ما يَردُّ به قولكم أترضون؟ قالوا: نعم.
فقلت: أما قولكم: حكّم الرّجال في أمر الله فأنا أقرأ عليكم ما قد ردَّ حكمه إلى الرّجال في ثمن ربع درهم في أرنب ونحوها من الصَّيد، فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ... (٩٥)﴾ [المائدة] فنشدتكم الله أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصَّيد أفضل، أم

(^١) السَّبْيُ والسِّباء: الأسر وأخذ النِّساء والذُّرية غنيمة في الحرب.
(^٢) المحو: الإزالة، والمسح وذهاب الأثر والتنحية.

1 / 229