190

Waʾd al-fitna: dirāsa naqdiyya li-shubahāt al-marjifīn wa-fitnat al-Jamal wa-Ṣiffīn ʿalā manhaj al-muḥaddithīn

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

Publisher

دار عمار للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

Genres

الكتاب، فجعلوها على المؤمنين - وأصحاب النَّبيِّ الكريم ﷺ! ألا ترى كيف ضربوا مثلًا بالكلب والحمار لصحابيين جليلين، هما أنقى من الضباب، وأطهر من ماء السّحاب!!
فهل يليق بالصّحابيّ الجليل عمرو بن العاص ﵁ أن يكون مثله، مثل من قال الله فيه: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦)﴾ [الأعراف] هل كذّب عمرو بن العاص ﵁ بآيات الله تعالى حتّى يكون هذا مثله! أم هل يليق أن يكون مثل أبي موسى الأشعريّ ﵁ ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ... (٥)﴾ [الجمعة] وأيّ فائدة ترجى من كتابة هذه الأمثال وإرسالها إلى الأمصار! وهذا ليس غريبًا من هؤلاء الّذين يلفّقون الأخبار ولا يخافون الواحد القهّار!
وهذا يدلّك على أنّ الّذين كتبوا هذه الرّوايات هم من أتباع الّذين خرجوا على عليّ وممّن يتأشّب لهم، وفي البخاري: " كان ابن عمر يراهم شرار الخلق، وقال: إنّهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفّار فجعلوها على المؤمنين " (^١).
الرّابع: هذه الرّواية تجعل أمر اختيار الحكمين من فعل أهل العراق وأهل الشّام، وكأنّ عليًّا ومعاوية ليس لهما من الأمر شيء.
رواية التّحكيم من طريق آخر
وأخرج الطّبري قصّة التّحكيم من طريق آخر، وفيها أنّ عبد الله بن عبّاس نَصَحَ لأبي موسى ألاّ يتكلّم أوّلًا وحذّره حتّى لا يغْدُرَ به عمرو بن العاص، وساق قصّة التّحكيم، وزاد في آخرها أنّ عليًّا كان إذا صلّى قَنَتَ ولَعَنَ معاوية ومن معه، ومعاوية كان إذا قنت لعن

(^١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ٥١) كتاب استتابة المرتدّين.

1 / 191