373

Aqwāl al-Ṭaḥāwī fī al-tafsīr: al-Fātiḥa – al-Tawba

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

Genres

فليس كون المخاض أو اللبن بالأم شرطًا في المأخوذ من الإبل، وإنما ذكره لأن الأغلب أن الإبل إذا دخلت في السنة الثانية كان بأمها مخاض، وإذا دخلت في السنة الثالثة كان بأمها لبن، فجرى الكلام على غالب الحال. وكذلك قوله جل وعلا: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ [النساء:٢٣]. (^١)
الترجيح: والراجح هو القول بأن الوصف الوارد في الآية: وصف خرج على الأعم الأغلب، وليس بوصف أو شرط لازم في التحريم.
وقد دل على صحة هذا القول:
١ - قوله جل وعلا: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء:٢٣] فعلق - جل وعلا - رفع الجناح بمجرد عدم الدخول، وهذا يقتضي أن المقتضي لحصول الجناح والتحريم هو مجرد الدخول دون شرط آخر. (^٢)
٢ - ما روته أم حبيبة بنت أبي سفيان، قالت: دخل عليَّ رسول الله ﷺ، فقلت له: هل لك في أختي بنت أبي سفيان؟ فقال: "أفعل ماذا"؟ قلت: تنكحها، قال: "أوتحبين ذلك؟ " قلت: لست لك بمُخْلِية، وأحب من شركني في الخير أختي. قال: "فإنها لا تحل لي": قلت: فإني أخبرت أنك تخطب دُرَّة بنت أبي سلمة، قال: "بنت أم سلمة؟ " قلت: نعم، قال: "لو أنها لم تكن في حجري، ما حلت لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثويبة، فلا تعرضنّ عليّ بناتكن ولا أخواتكن". (^٣) فدل هذا الحديث على أن تحريم بنت الزوجة ثابت بمجرد تزوج أمها. لأن الرسول ﷺ جعل المناط في التحريم مجرد تزوجه من أم سلمة ﵂.

(^١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ١٢٩).
(^٢) تفسير الرازي (١٠/ ٣٣).
(^٣) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب النكاح - باب (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) (حـ ٤٨١٣ - ٥/ ١٩٦١).
ومسلم في صحيحه - كتاب النكاح - باب تحريم الربيبة وأخت المرأة - (ح ٣٥٧١ - ١٠/ ٢٦٧).

1 / 373