144

Statements of Al-Tahawi in Interpretation: Al-Fatiha - Al-Tawbah

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

Genres

فقال قائل: من أين اتسع لكم أن تميلوا في هذه إلى ما روته عائشة وأم سلمة عن النبي ﵇، وتتركوا ما رواه أبو هريرة، عن الفضل، عن رسول الله ﷺ مما يخالفه دون أن تصححوهما جميعًا، فتجعلون حديث عائشة وأم سلمة عنه ﵇ إخبارًا منهما عن حكمه، كان في ذلك في نفسه، وتجعلون حيث الفضل عنه في حكم غيره من أمته، حتى لا يضاد واحد من هذين المعنيين المعنى الآخر منهما. فكان جوابنا له في ذلك: أنا قد وجدنا عنه ما قد دل على أن حكمه في نفسه، كان في ذلك، كحكم سائر أمته فيه، وذلك: عن عائشة أن رجلًا قال لرسول الله ﷺ وهو واقف على الباب، وأنا أسمع: يا رسول الله، إني أصبح جنبًا وأنا أريد الصوم، فقال رسول الله ﷺ:" وأنا أصبح جنبًا، وأنا أريد الصوم، فأغتسل وأصوم " فقال الرجل: إنك لست مثلنا، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله ﷺ وقال: (والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى، وأعلمكم بما أتقي) (^١) ولما وقفنا بذلك على استواء حكمه وحكم سائر أمته في ذلك، عقلنا أن ذينك المعنيين قد كانا حكمين لله تعالى، نسخ أحدهما الآخر، وكان ما في حديث الفضل منهما التغليظ، وما في حديث عائشة وأم سلمة التخفيف.

(^١) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب: الصيام - باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (حـ ٢٥٨٨ - ٧/ ٢٢٣). وأبو داود في سننه - كتاب: الصوم - باب: فيمن أصبح جنبًا في شهر رمضان (حـ ٢٣٨٩ - ٢/ ٧٨٢).

1 / 144