ولقد وقفت هذه اللجنة على قدر كبير من المعلومات التي تضمنتها ملفات إدارة البوليس السري، كما وقفت على وثائق قد تتضمن حقائق كثيرة عن تلفيق بعض القضايا ضد شيوعيين مخلصين، وعن اتهامات زائفة وجهت إليهم، وعن سوء استغلال للشرعية الاشتراكية، وهي كلها مثالب أطاحت بعدد من الأبرياء.
ولقد كشفت هذه الوثائق والمعلومات عن حقيقة واضحة هي: أن كثيرين من أعضاء الحزب، ومن العناصر التي كانت تتولى الترويج للشيوعية في الحقل الاقتصادي، اتهموا زورا وبهتانا بأنهم «أعداء للشعب» في عامي 1937 و1938 مع أنهم كانوا دائما شيوعيين مخلصين، ولم يكونوا قط في يوم من الأيام أعداء أو جواسيس أو خونة، ولكنهم حينما وجدوا أنفسهم متهمين بارتكاب جرائم مشينة لم يرتكبوها، وحينما عجزوا عن احتمال التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له، اتهموا أنفسهم تنفيذا لأوامر القضاة والمحققين والمزيفين بارتكاب كل ما يجول في الخاطر من جرائم خطيرة وغير معقولة.
كل هذه المعلومات وقعت في أيدي اللجنة التي تبحث في تلك المآسي، وقد رفعت اللجنة إلى المجلس الأعلى للجنة المركزية مذكرات ووثائق مستفيضة تكشف عن القمع الجماعي الذي تعرض له المندوبون للمؤتمر السابع عشر وأعضاء اللجنة المركزية الذين انتخبوا أثناء انعقاد ذلك المؤتمر.
وقام المجلس بدراسة هذه المذكرات والوثائق، ويبين من تلك الوثائق أن من بين المائة وتسعة وثلاثين عضوا الذين انتخبوا في المؤتمر السابع عشر ثمانية وتسعين (أي نحو 70٪) اعتقلوا وأعدموا رميا بالرصاص خلال عامي 1937 و1938 على الخصوص.
وكتب أندريه جيد الكاتب الفرنسي المشهور - وكان قد زار روسيا في عام 1936 - أنه لاحظ أن البوليس السري قد اشتد نفوذه في البلاد، واتخذ لنفسه سلطات جديدة، أو على الأصح سلطانا عرفيا لا يعرف قانونا، ولا يوقر قضاء، ففي شهر يناير من عام 1928 قبض على ليون تروتسكي وأبعد إلى آسيا الوسطى، وكانت جريمته هي خلافه السياسي مع ستالين، وكانت هذه المشاورات والخصومات قبل الثورة، وفي عهد زعامة لينين تعرض على الحزب الشيوعي وهو وحده الذي يفصل فيها عن طريق المناقشات وأخذ الآراء، أما الآن فقد أصبح المسدس في يد البوليس السري هو الحكم الفيصل.
وشبه أندريه جيد استخدام البوليس في إنهاء كل نزاع على السياسة بأنه كان «واترلو» الحزب، أو المعركة الفاصلة التي انهزم فيها بغض النظر عما إذا كان الحق في جانب ستالين أو في جانب تروتسكي.
ويقول: «لقد استتبع الاستعانة بالبوليس على هذا النحو اعتقاد الذين أوتوا القوة في أيديهم أنهم قد أوتوا معها الحكمة، فلم يسع المخالفين لهم إلا أن آثروا السلامة على المجاهرة بالرأي، ولم يلبث خراب الذمم أن انتصر على الأمانة والنزاهة والصدق.
ولم تغب عني هذه الظاهرة وقتئذ، وإنما غاب عني إذ ذاك أنها بداية التدهور الذي أثمر اليوم هذا المين والإفك الذي نراه، وأدى إلى هذا الصمت السائد الذي نشهده، ولم يكن بد أيضا من أن تساعد هذه الظاهرة على ظهور الزعيم.»
الأستاذ والتلميذ: لينين وستالين!
صورة زيتية قصد بها أن تمثل ستالين وهو يصافح لينين حتى يبدو وكأنه زميله منذ فجر الثورة الاشتراكية.
Unknown page