209

Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1

ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى

Genres

بالمؤمنين دائر عليهم حائق بهم، والمعنى: أن العذاب والهلاك الذي يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم (١).
وهنا تتجلى - أَيُّهَا الأخوة - سنن كونية وشرعية أخرى، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (٢).
هذه المبايعة هي (بيعة الرضوان) التي بايع الصحابة ﵃ فيها رسول الله ﷺ، على أن لا يفروا عنه، فهي عقد خاص، من لوازمه أن لا يفروا، ولو لم يبق منهم إلا القليل، بل حتى لو كانوا في حال يجوز الفرار فيها، فأخبر تعالى: أن الذين بايعوك حقيقة الأمر أنهم يبايعون الله ويعقدون العقد معه، حتى إنه من شدة تأكده أنه قال: ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ أي: كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة، وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية، وحملهم على الوفاء بها، ولهذا قال: فمن نكث فلم يف بما عاهد الله عليه فإنما ينكث على نفسه أي: لأن وبال ذلك راجع إليه، وعقوبته واصلة له، ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾ أي: أتى به كاملًا موفرًا، فسيؤتيه أجرًا عظيمًا لا يعلم عظمه وقدره إلا الذي آتاه إياه (٣).
وهكذا كل داعية إلى الله وجاهد في سبيله .. فالله تعالى متكفل بحفظه ونصره! ! فهل من يتكفل الله بحفظه ونصره يُهزم أو يقهر؟ !

(١) فتح القدير (١/ ١٣٨٢).
(٢) [الفتح: ١٠].
(٣) تفسير السعدي (ص: ١٦٧٠).

1 / 209