Khuṭab wa-durūs al-Shaykh ʿAbd al-Raḥīm al-Ṭaḥḥān
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Genres
ولا يجوز نفي دلالته على معان لا نعرفها على هذا التقدير، لأن المعاني التي دلت عليها نصوص الصفات لا نعرفها على حسب قولهم، وإذا لم نفهم اللفظ ومدلوله فلأن لا نعرف المعاني التي لم يدل عليها اللفظ أولى، لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعاره بما لا يراد به، فإذا كان اللفظ لا إشعار له بمعنى من المعاني ولا يفهم منه معنى أصلًا لم يكن مشعرًا بما أريد به، فلأن لا يكون مشعرًا بما لم يرد به أولى. وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز أن يقال: إن هذا اللفظ متأول بمعنى أنه مصروف عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، فضلا ً عن أن يقال: إن تأويل هذا لا يعلمه إلا الله – جل وعلا –.
وخلاصه القول: من ادعى أن المراد من ظاهر نصوص الصفات إجراؤها على مجرد ما ظهر من ألفاظها من غير فهم لمعناها، كان إبطاله للتأويل، أو إثباته تناقضًا، لأن من أثبت تأويلا ً، أو نفاه فقط فهم معنى من المعاني (١) . والله – جل وعلا – أعلم.
التنبيه الثالث: إن قال قائل: إذا نفيتم علمكم بكيفية صفات ربكم، وقلتم: لا يعلم حقيقة تلك الصفات إلا رب الأرض والسموات، وفندتم قول الذين أجروا نصوص الصفات على ظواهرها، وادعوا وجود تأويل يخالفها، لا يعلمه إلا المتصف بها، كما فندتم قول الذين قالوا: إن ظواهر نصوص الصفات غير مراد، ولا يعلمه إلا رب العباد – جل وعلا – فخبرونا ماذا تقولون أنتم في نصوص صفات ربكم، هل ظاهرها مراد أم لا؟
(١) انظر إيضاح ما تقدم في الرسالة التدمرية: (٧١/٧٢) وهي ضمن مجموع الفتاوى: (٣/٦٧-٣٨) والرسالة الحموية: (٢٤٥-٢٤٩)، وهي ضمن مجموع الفتاوى: (٥/٤١،٣٥) وانظر درء تعارض العقل والنقل: (١/١٤-١٤، ٢٠١-٢٠٦)، والتحفة المهدية: (١/٢٠٦-٢٠٩)، وشرح حديث النزول: (١١٣) وهو ضمن مجموع الفتاوى: (٥/٤٧٦-٤٧٧) .
1 / 277