Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Genres
وفي الصحيحين أيضًا وغيرهما عن معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه – قال: بينما أنا رديف النبي – ﷺ – ليس بيني وبينه إلا آخر الرحل فقال: "يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله – ﷺ – وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله – ﷺ – وسعديك ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال حق الله على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم " (١) .
_________
(١) ورد الحديث في الصحيحين في أماكن متعددة، فرواه البخاري في سبعة أماكن، كما رواه أيضًا غير الشيخين، وسأقتصر في تخريجه على مكان واحد في الصحيحين خشية الإطالة انظر صحيح البخاري – كتاب اللباس – باب إرداف الرجل خلف الرجل: (١٠/٣٩٧) بشرح ابن حجر، وانظر صحيح مسلم – كتاب الإيمان – باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا: (١٠/٢٣٠) بشرح النووي، وقد ورد في بعض روايات الصحيحين أن معاذ بن جبل – ﵁ – قال: أفلا أبشر به الناس؟ قال "لا تبشرهم فيتكلوا" وأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا، والتأثم أي: خشية الوقوع في الإثم والتوفيق بين إخبار معاذ – ﵁ – مع نهي النبي – ﷺ – له عن الإخبار، أجاب العلماء بأربعة أجوبة:
١- مال ابن حجر في الفتح: (١/٢٢٧) إلى أن معاذًا حمل النهي عن التبشير على التنزيه لا على التحريم.
٢- قال القاضي عياض كما في الفتح: (١/٢٢٧)، وشرح النووي: (١/٢٤١): لعل معاذًا لم يفهم النهي، لكن كسر عزمه عما عرض له من تبشيرهم، قال ابن حجر والرواية صريحة في النهي فالأولى ما تقدم.
٣- قال ابن الصلاح كما في شرح النووي: (١/٢٤١): منعه من التبشير العام خوفًا من أن يسمع ذلك من لا خبرة له، ولا علم فيغتر ويتكل، وأخبر به النبي – ﷺ – على الخصوص من أمن عليه الاغترار والاتكال من أهل المعرفة، فإنه أخبر به معاذًا، فسلك هذا المسلك، فأخبر به من الخاصة من رآه أهلا ً لذلك، قال النووي: وهذا الوجه ظاهر، لكن قال ابن حجر في الفتح: (١/٢٢٧) والأول أوجه، لكونه أخر ذلك إلى وقت موته.
٤- في شرح الأبِّيِّ: (١/١٢٦)، وشرح النووي: (١/٢٤١) نقلا ً عن القاضي عياض أيضًا: احتمال كون معاذ اعتبر ذلك منسوخًا بالأحاديث الدالة على التبشير، لكن الذي يظهر للعبد الضعيف عبد الرحيم: ضعف هذا القول بسبب التأخير إلى وقت الموت، فالأولى اعتماد ما مال إليه ابن حجر.
1 / 25