Slavery in Pre-Islamic and Islamic Eras
الرق في الجاهلية والإسلام
Publisher
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
ولقد عامل الإسلام في أول عهده الرقيق الذين أسلموا- وما يزالون قريبين من العهد الجاهلي- أحسن معاملة، ولم يلغ ما سبق في الجاهلية حتى لا تفسد أمور الناس، وينشغلوا عن أصل الرسالة بأمور جانبية.
لقد عاملهم معاملة حسنة، وكان إسلامهم طريقا إلى التخلص من الرق بطريق مشروع؛ كأن يُشتَرى العبد المسلم من سيده ويعتق، كما حصل للعبد بلال بن رباح، فقد أسلم، ولكنه ما يزال عبدا لسيده أمية بن خلف الذي أذاق بلالًا كل أصناف التعذيب، فكان يتركه في حرارة الشمس القاتلة ساعات الظهيرة كي يرجع عن إسلامه، ولكنه كان قوي الإيمان فتحمل العذاب الأليم إلى أن جاء أبو بكر الصديق واشتراه وأعتقه.
ولقد وجد الرقيق في الإسلام عزا وكرامة، ووجدوا في أخوة الإسلام ما جعلهم يعيشون أحرارا، يرتقون بهذه الأخوة إلى أسمى الرتب ولنضرب لذلك مثلا بزيد بن حارثة وابنه أسامة الذي ولى قيادة جيش المسلمين، ولما يناهز الثامنة عشرة وقد ولاه الرسول ﷺ في آخر حياته، ونفذه كبار الصحابة بعد وفاته، ومشى أبو بكر الخليفة ﵁ وهو راكبـ، وكان تحت قيادته الصحابة من أمثال عمر وعلى وغيرهما ﵃ أجمعين ...
ولقد افتخر المسلمون بأن رابع الذين أسلموا كان زيد بن حارثة، فقد أسلم بعد السيدة خديجة زوج الرسول علية الصلاة والسلام وأبى بكر وعلى ﵄.
الإسلام المنقذ
إن من حق الإسلام أن يترك ابتداء، فالإسلام ليس نحلة قوم، ولا نظام وطن، ولكنه منهج إله، ونظام عالم.. ومن حقه أن يتحرك ليحطم الحواجز من الأنظمة والأوضاع التي تغل من حرية الإنسان في الاختيار. وحسبه أنه يهاجم الأفراد ليكرههم على اعتناق عقيدته، إنما يهاجم الأنظمة والأوضاع ليحرر الأفراد من التأثيرات الفاسدة للفطرة، المقيدة لحرية الاختيار.
سيد قطب
50 - 51 / 162