58

Siyasat Nama Nizam Mulk

سياست نامه أو سير الملوك

Investigator

يوسف حسين بكار

Publisher

دار الثقافة - قطر

Edition Number

الثانية، 1407

الفصل العاشر في أصحاب البريد ونهي الأخبار وتدبير شؤون المملكة

على الملوك أن يتحروا أحوال الرعية والجيش وكل بعيد وقريب وأن يعرفوا كل كبيرة وصغيرة في المملكة فإن لم يفعلوا فسيكون ذا عيبا ومأخذا يأخذه الناس عليهم ويحملونه محمل الغفلة والتهاون والظلم ويقولون إما أن الملك يعلم بأمر الفساد والسرقة والنهب المتفشي في المملكة وإما أنه لا يعلم فإن يكن على علم به ولا يمنعه أو يقف في وجهه فلأنه ظالم وعن الظلم راض وإلا فهو غافل قليل الدراية والاطلاع وكلا الأمرين غير محمود ولا بد من صاحب البريد

لقد كان للملوك في كل الأحقاب في الجاهلية والإسلام أصحاب بريد في كل المدن لم يكن يفوتهم العلم بما يحدث من خير وشر حتى إذا ما غصب شخص اخر دجاجة أو مخلاة تبن على مرمى خمسمائة فرسخ فإن الملك كان يعلمه ويأمر بتأديبه ومعاقبته ليعرف الاخرون أنه يقظ وأن له مخبرين في كل مكان وأنه يضرب على أيدي الظالمين فكان الناس ينصرفون إلى الكسب والإعمار والبناء في ظل الأمن والعدل

إن هذه المهمة دقيقة وشاقة يجب أن يعهد بها لمن لا يساء الظن بهم وبألسنتهم وأقلامهم ولا يجرون وراء أغراضهم ومصالحهم الخاصة لأن صلاح المملكة وفسادها مرهون بهم وينبغي أن يعين هؤلاء من لدن الملك نفسه وأن تدفع لهم أجورهم ورواتبهم من الخزانة كي يقوموا بواجباتهم على النحو الأفضل وهم مطمئنو البال ويجب ألا يعرف أحد غير الملك بالمهام التي يؤدونها حتى إذا ما أخبر بأمر جديد يقضي بما يراه مناسبا فينال كل شخص ما يستحق من عقاب وجزاء أو مكافئة وهبة وتقدير بغتة ودون أن يدري

وإذا ما سارت الأمور على هذا النحو فسيحرص الناس على طاعة الملك والخوف من

Page 100