138

Al-Siyar li-Abī Isḥāq al-Fazārī

السير لأبي إسحاق الفزاري

Editor

فاروق حمادة

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٩٨٧

Publisher Location

بيروت

٤٩١ - وَأُخْبِرْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، أَخُو مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الصُّبْحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ فَقَالَ: " يَا أُبَيُّ، إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ فَقَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَقَدْ ذُكِرْتُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» فَارْتَعَشَ أُبَيٌّ لِذَلِكَ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ احْتَضَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَسَكَّنَهُ، فَهَدَأَ أُبَيٌّ وَسَكَنَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَرَأَ وَفَرَغَ، قَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا كَانَتْ لِي خَاصَّةً لِقِرَاءَتِكَ الْقُرْآنَ عَلَيَّ، فَخُصَّنِي بِعِلْمِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَطْلَعَكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «نَعَمْ يَا أُبَيُّ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَآمَنَ بِهِ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ إِلَّا أَعْطَاهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مَنْطِقُ الْأَلْسُنِ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ» فَقَالَ أُبَيٌّ: قَدْ عَلِمْنَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانَ بِهِ، فَمَا قَوْلُكَ فِيمَنْ قَبِلَهُ ⦗٢٧٢⦘ بِقُبُولِهِ؟ قَالَ: يُحِلُّ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمُ حَرَامَهُ، وَيَقَفُ عِنْدَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، لَا يُمَارِي فِيمَنْ يُمَارِي، وَلَا يَجْهَلُ فِيمَنْ يَجْهَلُ، يَقُولُ الْحَقَّ، وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيَأْمُرُ بِالْحَقِّ وَيَفْعَلُهُ لَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ فِعْلَهُ، وَلَا سَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْخُذُ أَصْحَابَ الْقُرْآنِ بِمَا يَأْخُذُ بِهِ الرُّسُلَ وَيَسْأَلُهُمْ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّسُلَ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَالْأَخْذِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ، فَكَمَا وَجَبَ لِلَّهِ عَلَى الرُّسُلِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْقُرْآنِ النَّصِيحَةُ لَعِبَادِ اللَّهِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فِي قَصْدٍ وَرِفْقٍ وَرَحْمَةٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَتَؤُدَّةٍ، لَا يَحْمِلُهُ قَوْلُهُ أَنْ يُعَنِّفَ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَرْفَعُ مَا فِيهِ وَضَيَّعُوا مِنْ حَقِّ اللَّهِ بِذِكْرِهِمْ وَعِيدَهُ، وَتَخَوُّفَهُمْ آيَاتِهِ، وَيُحَذِّرُهُمْ نَفْسَهُ وَعَذَابَهُ، وَيُذَكِّرُهُمْ أَيَّامَ اللَّهِ وَنِعَمَهُ عَلَيْهِمْ وَحُسْنَ ثَوَابِهِ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ، فَكَذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، فَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ، وَقَبِلَهُ بِقُبُولِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا يُعْطِي الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ أُبَيٌّ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَيْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ لِمَا صَبَرَ عَلَيْهِ، وَرَجَا ثَوَابَهُ؟ قُلْتُ: فَمَنْ يَصْبِرُ عَلَيْهِ وَيَرْجُو ثَوَابَهُ؟ قَالَ: مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ وَعَظُمَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ رَبِّهِ، جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ السَّدَادُ، وَالتَّوْفِيقُ وَحُسْنُ الْمَعُونَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَضَى أَنَّهُ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ

1 / 271