Siyar al-salaf al-ṣāliḥīn
سير السلف الصالحين
Editor
د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد
Publisher
دار الراية للنشر والتوزيع
Publisher Location
الرياض
وَاللَّهِ، بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا ﷺ يُصَلِّي إِلَى الشَّامِ وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ، قَالَ: فَكُنَّا إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، وَقَدْ كُنَّا عِبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَأَبَى إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَسْأَلَهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ قَدْ يَقَعُ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ خِلَافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكُنَّا لَا نَعْرِفُهُ لَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ جَالِسٌ، فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، وَقَدْ هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ فَرَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَمَاذَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَقَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا» .
قَالَ: فَرَجعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ، فَوَاعَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الْحَجِّ اجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ فَتَكَلَّمَ الْعَبَّاسُ، فَقُلْنَا لَهُ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ ﷿ مَا أَحْبَبْتَ، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَتَلَا الْقُرْآنَ، وَدَعَا إِلَى اللَّهِ، وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَالَ:
2 / 291