212

Ṣiyānat al-insān ʿan waswasat al-shaykh Daḥlān

صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان

Publisher

المطبعة السلفية

Edition Number

الثالثة

Publisher Location

ومكتبتها

افعل لي كذا وكذا، وأنهم ربما يعتقدون الولاية في أشخاص لم يتصفوا بها بل اتصفوا بالتخليط وعدم الاستقامة، وينسبون لهم كرامات وخوارق عادات وأحوالًا ومقامات وليسوا بأهل لها ولم يوجد فيهم شيء منها، فأراد هؤلاء المانعون للتوسل أن يمنعوا العامة من تلك التوسعات دفعًا للإيهام وسدًا للذريعة، وإن كانوا يعلمون أن العامة لا يعتقدون تأثيرًا ولا نفعًا ولا ضرًا لغير الله تعالى ولا يقصدون بالتوسل إلا التبرك، ولو أسندوا للأولياء شيئًا لا يعتقدون فهيم تأثيرًا، فنقول لهم إذا كان لأمر كذلك وقصدتم سد الذريعة فما الحامل لكم على تكفير الأمة عالمهم وجاهلهم وخاصهم وعامهم، وما الحامل لكم على منع التوسل مطلقًا، بل كان ينبغي لكم أن تمنعوا العامة من الألفاظ الموهمة لتأثير غير الله تعالى، وتأمروهم بسلوك الأدب في التوسل.
أقول: أولًا - إن تقرير دليل المانعين نوع تحريف مقصود، وأصل تقريرهم هكذا: إنا نرى كثيرًا من العامة وبعض الخواص يأتون بألفاظ دالة دلالة مطابقة على أنهم يعتقدون التأثير لغير الله تعالى، ويطلبون من الصالحين أحياءً وأمواتًا أشياء لا يقدر عليها إلا الله، وينذرون لهم النذور وينحرون لهم النحائر ويقربون إليهم نفائس الأموال، ويجعلونهم وسائط يدعونهم ويسألونهم جلب المنافع، بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملوك أو لكونهم أقرب إلى الملك١، وبعد ملاحظة أصل تقريرهم وجه التكفير ظاهر، فإن اعتقاد تأثير غير الله كفر صريح، والدعاء والنذر والنحر عبادة، وعبادة غير الله شرك وكفر.
وثانيًا - أنا معاشر أهل التوحيد لا نكفر الأمة كلهم عالمهم وجاهلهم وعامهم وخاصهم، هذا افتراء علينا، بل نكفر من وجد فيه موجبات الكفر من اعتقاد

١ بل قال بعض المؤلفين في الفقه وغيره منهم: إن الولي يخرج من قبره فيقضي بنفسه حاجة من دعاه من أو توسل به. وكتبه محمد رشيد رضا.

1 / 213